عرفا وهو الشهرة والجهار.
مضافا إلى أنّه المصرّح به في كلام أهل اللغة ـ كما في المجمع ـ من تفسير « شاع » بذاع وظهر ، فالفحوى لو تمّ لقضى بمنع إرادة التجاهر بالفسق ، إلاّ أن يتمّ المدّعى بعدم القول بالفصل من هذه الجهة.
أو يقرّر الاستدلال من وجه آخر وهو : أنّ إشاعة عيوب الغير محرّمة بنفسها ومبغوضة في نظر الشارع ، كما يرشد إليه ما صحّ عن هشام ـ على ما في المجمع ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اذناه كان من الذين قال الله تعالى فيهم : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ )(١) » الآية ، فيكون الآية توعيدا على ما يعمّ إرادة الإشاعة كما يومئ إليه التعبير في الرواية المذكورة بلفظة التبعيض.
هذا ولكنّ الإنصاف أنّ قرب الإرادة من المحبّة اعتباري صرف ، وإلاّ فالأقرب إليه عرفا في مثل تلك العبارة إنّما هو السعي في الإشاعة ، فينهض الآية دليلا على تحريم نفس الإشاعة ولا تلازم بينه وبين تحريم إرادة الإشاعة ، وإنّما عبّر عنه بالمحبّة ليكون من باب التعبير باللازم لإرادة الانتقال إلى ملزومه مراعاة لزيادة بلاغة الكناية فليتدبّر.
ومنها : الرواية الّتي رواها الكليني ـ على ما في كلام بعض الأعاظم ـ عن أبي هاشم قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا أن يطيعوا الله ، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء.
ثمّ تلا قوله تعالى : ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ )(٢) قال : على نيّته ».
ومنها : ما سمعناه عن بعض مشايخنا مرسلا من قوله عليهالسلام إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ، قيل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : لأنّه أراد قتل صاحبه ».
ومنها : مثله من قوله : « الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، وعلى الداخل إثمان إثم الرضا وإثم الدخول ».
ومنها : كذلك من قوله عليهالسلام : « وإنّما يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة ».
ومنها : صريح التعليل الوارد في تفسير قوله تعالى : ( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ
__________________
(١) النور : ١٩.
(٢) الإسراء : ٨٤.