وظاهر ذلك الاعتراف بأصل المعصية مع دعوى العفو عنها.
وعن جماعة التصريح بالعدم ، وعن المازندراني إنّه نسبه إلى كثير من أصحابنا ، وعن المقدّس إنّه عزاه إلى المشهور إلاّ أنّه احتمل أن يريدوا أنّه لا يعاقب بالمنويّ الحرام.
وعن الشهيد قال : لا يؤثّر نيّة المعصية عقابا ولا ذمّا ما لم يتلبّس بها وهو ممّا ثبت في الأخبار العفو عنه ، وهو كما ترى لا ينافي ما اخترناه.
كما أنّ ما عن الصدوق من أنّه عدّ من اعتقادنا الظاهر في كونه مذهب الإماميّة أنّ من همّ بسيّئة لم يكتب حتّى يعملها ، فإن عملها كتبت عليه سيّئة واحدة ، لا ينافيه فما في كلام بعض الأعاظم من أنّ ذلك ظاهر في العفو وعدم الحرمة غير سديد.
وأمّا الجهة الثالثة : في العزم المقرون بعمل يكون من مقدّمات المعصية.
واعلم أنّ الّذي ينبغي أن ينظر هنا في حكمه إنّما هو أصل العمل ، إذ العزم المقرون له قد علم ممّا سبق حكمه بل بطريق أولى ، فإنّ العزم المجرّد إذا كان محرّما فالعزم المقارن لما يكون من مقدّمات المعصية أولى بالتحريم ربّما يمكن أن يقال هنا بترتّب العقاب وعدم ثبوت العفو عنه.
بل يمكن أن يجعل ذلك وجه جمع آخر بين الأخبار المتعارضة المتقدّمة في الجهة السابقة ، بحمل ما دلّ منها على ثبوت العفو على العزم المجرّد كما يشهد به صريح أخبار نفي كتابة نيّة السيّئة على هذه الأمّة ، وحمل ما دلّ منها على ثبوت العقاب فعلا على العزم المقرون بما يكون من مقدّمات المعصية.
ويشهد به ما تقدّم في رواية القاتل والمقتول ، من حيث إنّ المقتول الّذي يدخل بنيّة قتل صاحبه في النار يكون ناويا له مع التلبّس ببعض مقدّماته.
فما يقال في المقام من الترديد في كون العقاب على العزم المقرون بالعمل أو العمل المتلبّس بالعزم مع دعوى أنّه له وجهين ، ليس على ما ينبغي إذ العزم على كلّ تقدير محرّم وموجب للعقاب ، وإنّما الشأن في معرفة أنّ العمل المقارن له أيضا يتّصف بالحرمة أو لا ، وعلى الأوّل فهل يوجب عقابا آخر عليه غير ما هو على عزم المعصية أو لا؟
فنقول : إنّ مقدّمة الحرام إذا أتى بها بقصد التوصّل إلى الحرام لا إشكال في حرمتها من حيث المقدّمية ، من غير فرق بين كونها شرطا كنصب السلّم بقصد الطلوع على سطح الغير غصبا ، واتّخاذ العنب أو عصره ليعمل خمرا ، وصنع الآلة القتّالة أو الجارحة أو اشتراؤها