الوجود ، فهو ليس بحيث يقتضي موضوعا في الخارج يتقوّم به لأنّه من خواصّ الموجود ، غايته أنّه من باب المقارنات الاتّفاقيّة قد يصادف شيئا موجودا في الخارج وإلاّ فكثيرا مّا يصادف أمرا معدوما.
وأيّا ما كان فيصلح للاستصحاب حيثما كان متيقّنا فشكّ في بقائه ، بخلاف ما لو كان من الوجوديّات فإنّه لا محالة يكون من مقولة الأعراض فلابدّ له من موضوع يتقوّم به ، ولا ريب أنّ المقصود بالاستصحاب حينئذ إبقاء ما يكون من هذه المقولة الّذي كان متيقّنا في الزمن السابق ، فإمّا أن يراد إبقاؤه لا في الموضوع أو في موضوع كان متقوّما به في آن اليقين أو في موضوع غير ذلك الموضوع ، والأوّل محال والثاني متعيّن لكون الثالث كالأوّل في الاستحالة إن فرضنا الباقي هو العرض المتيقّن في آن اليقين ، لاستلزامه انتقال العرض وهو على ما برهن عليه في محلّه غير جائز ، مع أنّه تابع في الوجود لموضوعه الأوّل فيرتفع بانعدامه ومعه يبقى الاستصحاب بلا مستصحب ، أو مخلاّ بما يكون من أركان الاستصحاب وهو اليقين السابق إن فرضناه عرضا آخر لعدم كونه ممّا تعلّق به اليقين السابق.
ولا يخفى أنّ هذا المعنى ممّا يقتضيه الأخبار الواردة في باب الاستصحاب الناهية عن نقض اليقين إلاّ بيقين مثله ، بعد ملاحظة أنّ المراد باليقين المنهيّ عن نقضه إنّما هو آثار اليقين وأحكامه المترتّبة عليه في الزمان السابق ، الراجع محصّله إلى النهي عن الاعتناء بالشكّ الطارئ والأمر بتنزيل المشكوك فيه منزلة المتيقّن في جميع الأحكام المحمولة عليه سابقا ، لا نفس اليقين لأدائه إلى التكليف بغير المقدور ، ولا المتيقّن كما توهّم لاشتراكه مع الأوّل في المحذور.
فلا وقع لما يعترض عليه من منع اشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب استنادا إلى إطلاق تلك الأخبار ، فإنّها بعد كونها متقيّدة لا يتصوّر لها إطلاق حتّى يستند إليه.
ولو سلّم فهو تقييد يجيء من جانب العقل وهو حجّة ، كما لو جاء من قبل الشرع.
فقد تبيّن ممّا ذكر : أنّ ما عدا القول بنفي الاقتضاء مخالف للاصول من غير فرق في ذلك بين القول باقتضاء النهي التبعي أو الأصلي الغير الشرعي أو الأصلي الشرعي.
فما ذكره بعض من لا تدبّر له ـ من عدم جريان أصل البراءة على القول بالنهي التبعي أو الأصلي الغير الشرعي ، تعليلا باشتراكهما مع القول بنفي الاقتضاء مطلقا في عدم ترتّب العقاب على المخالفة كما في وجوب المقدّمة ـ كلام واه ورد على خلاف التحقيق ، لعدم