الوجه الثاني ـ أنّ أمر الايجاب طلب يذمّ تركه اتّفاقا * ،
__________________
على نوع خصوصيّة لم يكن المصنّف ارتضى بها ، وهو ادّعاء كون النهي عن النقيض بمعنى الترك على سبيل التضمّن ليس من محلّ النزاع في شيء ، ومعلوم أنّ المغايرة يكفي فيها إلغاء تلك الخصوصيّة فيكون توجيه قوله : « فيتلقّى بالقبول على الأوّل » أنّه مسلّم لا بعنوان أنّه ليس من محلّ الخلاف ، بل بعنوان أنّه مطابق للواقع قبالا لمن يدّعي كونه على سبيل الالتزام.
وقوله : « ويردّ بما ذكر في الجواب » قرينة واضحة على إرادة هذا المعنى ، إذ لم يذكر فيه ما يناسب المعنيين الآخرين ، إذ الّذي ذكر فيه إنّما هو دعوى أنّ مفهوم الوجوب ليس بزائد على رجحان الفعل مع المنع من الترك.
وأمّا لو حملناه على المعنى الثاني يبقى قوله : « ويردّ بما ذكر في الجواب » بلا محلّ كما لا يخفى.
إلاّ أن يقال : بأنّ « اللام » إشارة إلى ما ذكره سابقا من الحجّة على مدّعاه ، نظرا إلى أنّه كما يصلح حجّة له يصلح جوابا عن خصمه في دعوى الالتزام ، ولكنّه في البعد بمثابة لا يكاد ينتقل إليه الذهن ، مضافا إلى أنّه يوجب خروج الجواب قاصرا عن إفادة ردّ الاستدلال بجميع تقاديره ، لبقاء احتمال كون مراد المستدلّ بالنقيض أحد الأضداد الوجوديّة خاليا عمّا يقضي ببطلانه.
إلاّ أن يقال : بكونه إحالة إلى ما ذكره في الاحتجاج على عدم الاقتضاء في الضدّ الخاصّ وهو أيضا في غاية البعد ، بل بعيد في بعيد.
ونظير ذلك يرد على الاحتمال الأخير ، وإن أمكن تصحيح قوله : « ويردّ بما ذكر في الجواب » بإرجاعه إلى ما ذكره في وجه قوله : « علمت أنّ هذا الجواب لا يخلو عن نظر ».
* وقيد « الاتّفاق » إمّا دليل على التحديد يعني كون أمر الإيجاب عبارة عمّا ذكر محلّ وفاق عندهم ، أو قيد للحدّ راجع إلى الإسناد في « يذمّ » بمعنى أنّ ترك الفعل في موضع الإيجاب ممّا اتّفق العقلاء على الذمّ عليه.
والأوّل باطل لمنع الاتّفاق على ما ذكر إن لم نقل بقيام الاتّفاق على خلافه ، كيف ولا ينبغي الاسترابة في أنّ الذمّ على الترك من عوارض الشخص لا من لوازم الماهيّة ، وإلاّ لزم انحصار الإيجاب في ملزوم الشخص وهو بديهي البطلان ، ولا ينافيه ما في كلامهم من