ويدفعه : أنّ المستحيل إنّما هو اجتماع الضدّين في موضوع واحد *. على أنّ ذلك لو أثّر ** ،
__________________
ما أورده عليه بعض الأفاضل من أنّ انتفاء التحريم من العلّة لأجل انتفاء سبب خاصّ لا يقضي بانتفائه لأجل سائر الأسباب ، فإنّ انتفاء السبب لا يقضي بانتفاء المسبّب العامّ ، وغاية ما هنا لك أنّ العلّة لا حرمة فيها من جهة انتفاء الحرمة عن أحد معلولها وهو لا ينافي حرمتها من جهة حرمة المعلول الآخر ، كيف ومن البيّن أنّ شيئا من المحرّمات لا تحريم فيها من جميع الجهات وإنّما يحرم من الجهة المقبّحة وكذا الكلام في المقام ، إلى آخره.
فإنّ الجهة ما لم تكن مقيّدة لا تجدي والقياس على المحرّمات الّتي لا تحريم فيها من جميع الجهات مع الفارق ، إن اريد بها الأعيان الّتي اضيف إليها التحريم في خطاب الشارع كالخمر والميتة والدم والامّهات ونحوها والوجه واضح.
* وفيه : كما أنّ استحالة اجتماع حكمين في موضع واحد تنشأ عن امتناع اجتماع الضدّين فكذلك قد ينشأ عن لزوم تكليف ما لا يطاق لعدم تمكّن الامتثال.
وهذا الوجه كما يجري في موضع واحد إذا اجتمع فيه تحريم وإيجاب ، فكذلك يجري في موضعين متلازمين إذا تعلّق بأحدهما التحريم وبالآخر الإيجاب كما عرفت ، فلا وجه لإطلاق كلام المصنّف في منع الاستحالة بالنسبة إلى الموضعين ولقد تنبّه بعض الأفاضل على ذلك أيضا.
** جواب آخر عن الاحتجاج بما تقدّم ، وكأنّه نقض إجمالي على إحدى مقدّمتيه المتضمّنة لدعوى كون مستلزم المحرّم محرّما.
ومحصّله ـ كما قيل (١) وهو ظاهر العبارة ـ : أنّ التلازم لو أثّر في امتناع اجتماع حكمين متضادّين في أمرين متلازمين لثبت قول الكعبي وهو الّذي فهمه أيضا بعض الأفاضل ، ويحتمل كون الضمير عائدا إلى تضادّ الأحكام فيكون المعنى : أنّ تضادّ الأحكام لو أثّر في تلازم الأمرين المتلازمين في الحكم وامتناع اختلافهما فيه لاتّجه قول الكعبي ، واستقامت شبهته المعروفة في نفي المباح.
وها هنا احتمال ثالث بعيد ذكره بعض المحقّقين وهو : أنّ كون مطلق التلازم مانعا من
__________________
(١) القائل هو المدقّق الشيرواني رحمهالله. ( منه ).