وقضيّة ذلك الفرق هنا حصول الفرق بين المقدّمات أيضا في الوجوب وعدمه بين ما يرفع تركه تمكّنه عن أداء الواجب كالخروج مع القافلة الأخيرة لقطع مسافة الحجّ وبين غيره ، وهو غريب حيث لا يساعده عقل ولا شرع ، ومقتضاه لزوم التخصيص في حكم العقل ، مع أنّ إناطة الحكم بارتفاع التمكّن على فرض صحّته ممّا يقضي أيضا بعدم الفرق فيما بين الأضداد أصلا ، إذ كون الضدّ ممّا لا يرفع التمكّن عن أداء الواجب ممّا لا محصل له بل هو من لوازم الضدّية على زعمهم ، ضرورة عدم تمكّنه منه حال التشاغل بفعل الضدّ فيفوت عليه في تلك الحال واجب من حيث وجوب المسارعة إلى أداء الواجب المضيّق ، وقدرته على الانصراف عن فعل الضدّ بتركه والاشتغال بأداء الواجب لا تجدي في حصول التمكّن حال التشاغل به وإلاّ لم يكن ضدّا ، كيف ولو انيط الحكم بالقدرة اللاحقة فهي حاصلة في المقامين معا.
غاية الفرق بينهما طول زمان الامتناع وعدمه ، وهو لا يوجب فرقا في حكم التحريم وعدمه بعد ايجاب كلّ لتأخير ما لا يجوز تأخيره ولو آنا مّا.
ومن هنا يتّجه أن يقال : إنّ ما ذكره في التعليل جار في المقامين أيضا لو أراد بما يترتّب على فعل الضدّ تأخير أداء الواجب المضيّق الّذي كان حراما ، فإنّه حاصل لا محالة سواء استمرّ فعل الضدّ إلى مدّة طويلة أو لا ، إذ لا يعقل الفرق في حرمة التأخير بين كونه في زمان طويل أو قصير.
فيقال حينئذ بالنسبة إلى المقام الثاني : بأنّه لو لم يحرم الضدّ وكان مباحا لاقتضى عدم الإثم فيما يترتّب عليه من تأخير الواجب المضيّق ولو آنا مّا ، فيلزم خروج الواجب ـ وهو المسارعة إلى الامتثال ـ عن كونه واجبا.
وأمّا إناطة الاحكام بالحكم والمصالح فممّا لا قضاء له بتحريم ما يقتضي رفع التمكّن من فعل الواجب ، إن اريد أنّ رفع التمكّن من فعل الواجب بنفسه حكمة مقتضية للتحريم مع قطع النظر عن تضمّنه لفوات مصلحة الواجب ، إذ ليس في حكم العقل ولا الشرع ما يقضي بكون ذلك من الصفات المقبّحة ، وإن اريد كونه كذلك لتضمّنه فوات مصلحة الواجب فهو علّة جارية في كلا المقامين ، لكون المسارعة إلى أداء الواجب المضيّق واجبة ويفوت مصلحتها فيهما بالتأخير الّذي هو من لوازم التشاغل بفعل الضدّ ولو آنا مّا ، والعلل العقليّة غير قابلة للتخصيص.
وأمّا النهي عن دخول البحر قبل الصلاة فمع عدم اطّراده لاختصاصه بالمورد ممّا