ذكره من المناقشة الواضحة ، فإنّ الدليل إذا ذلّ على جواز التصرّفات المتوقّفة على الملك بعد الأخذ ذلّ ذلك على حصول الملكيّة بالأخذ ، ولا وجه حينئذ لمعارضة ذلك بالأصل ، من جهة إمكان عدم حصول الملكيّة حين الأخذ عقلا.
ولو بنى على مثل هذه المناقشات لانسدّ باب الاستنباط ، فإنّه ليس ذلك إلّا مثل أن يقال : إذا دلّ الدليل على جواز جميع التصرّفات بعد الحيازة في المباحات أنّه لا يدلّ على حصول الملكيّة بالحيازة ، فيتمسّك بالأصل إلى أن يقع التصرّف المتوقّف على الملك ، فيحصل الملكيّة قبله بإرادة التصرّف.
أو يقال : إذا دلّ الدليل على وجوب الغسل إذا التقى الختانان ، أنّه لا يدلّ [على] حصول الجنابة بالالتقاء ، لأصالة عدم تحقّق الجنابة ، فيتحقّق إمّا ما قبل الغسل بإرادة الاغتسال ، وفساد مثل هذه المناقشات لا يحتاج إلى البيان.
قوله : (فيكون كتصرّف ذي الخيار ، والواهب فيما انتقل عنها بالوطء [والبيع والعتق] وشبهها) (١).
أي : كما أنّ الإرادة مملّكة فيهما قبل التصرّف كذلك في المقام ، وذلك لتوقّف صحّة تصرّفهما على سبق الملك ، والفرض عدم تحقّقه قبل التصرّف.
فوجب الالتزام بحصوله قبله بمجرّد الإرادة ، فيكون الإرادة مملّكة في الهبة ، لكونها رجوعا في العين الموهوبة ، ومملّكة في ذي الخيار ، لكونها فسخا ، فيزول ملكيّة من عليه الخيار ، فيملّكه ذو الخيار ، فيقع التصرّف حينئذ بعد الملكيّة.
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٤٨.