لكن لا يخفى عليك أنّ عقود المعاملات محصورة ، فما لم يدخل في إحداها لم يمكن الحكم بصحّتها.
والحقّ إنّ الإنشاء بالفعل عندهم في المعاملات غير صحيح إلّا مع الاضطرار ، كما في إشارة الأخرس نعم ، يكتفى بالفعل ـ أي التعاطي أو العطاء في مقام كلّ عقد عن إنشاء ـ فيكتفى بالتعاطي في مقام البيع عن إنشائه ، وفي مقام الهبة عن إنشائها ، وفي مقام الرهن أو الوقف عن إنشائهما ، لا أنّه يقصد بالفعل إنشاء هذه العقود حتّى يكون الفعل في هذه المقامات من العقد الفعلي كي يتمسّك لصحّتها بالعمومات ، وحكم هذه القصود عند الإعطاء مع عدم قصد الإنشاء ظاهر.
قوله : (فيكون إطلاق المعاطاة عليه من حيث حصول المعاملة فيه بالعطاء دون القول) (١).
الظاهر أنّ إطلاق المفاعلة على ما لم يكن الفعل بين اثنين غير واقع ، وعدم كون المقام مثل المصالحة والمساقاة والمزارعة والمؤاجرة ظاهر ، لأنّ الصلح الملحوظ من الطرفين على نحو سواء متقوّم بالمتعاملين ، كما أنّ السقي والزراعة أيضا متقوّم بهما مباشرة من أحدهما وتسبيبا من آخر ، وليس المؤاجرة إلّا كالمبايعة صحّتهما مبتنية على ملاحظة القيام بالطرفين مع قطع النظر عن الملحوظيّة على سبيل الاستقلال والتبعيّة.
وأمّا الإطلاق على الرهن والقرض والهبة ؛ فغير واقع ، بل غير صحيح.
نعم ؛ يصحّ القول بأنّ هذه هبة معاطاتيّة ورهن معاطاتي ، لكن لم يرد من
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٨٠.