وأمّا الثاني ؛ فلأنّ السؤال إنّما وقع عن حكم المعاملة بعد تقدّم المقاولة قبل تملّكه للمبيع ، فأجابه عليهالسلام بأنّه : إذا وقعت المعاملة عن الرضا الفعلي ، ولم تكن مبتنية على المقاولة السابقة ، فلا بأس بها ، ثمّ عقّبه بقاعدة كليّة بقوله عليهالسلام : «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» (١).
وحينئذ فلا بدّ أن يكون جوابه عليهالسلام من أحد أفراد هذه القاعدة لا محالة ، وظاهر أنّه بناء على ما ادّعى دلالته عليه هذا الكلام ، لا يكون الجواب من أفراد هذا الكلام.
فما ذكر على فرض تسليم دلالة الكلام عليه غير مراد في المقام ، لخصوص مورد السؤال والجواب.
والأوجه في توضيح المراد من هذا الكلام هو أن يقال : إنّه عليهالسلام لمّا أجاب بصحّة المعاملة من جهة وقوعها عن الرضا الفعلي وعدم ابتنائها على المقاولة السابقة ، وكأنّ السائل توهّم مانعيّة المقاولة ، أو عدم تملّكه حالها تعبّدا أراد عليهالسلام بيان قاعدة كليّة لدفع هذا التوهّم ، وأنّه لا يناط الحليّة والحرمة في المعاملات بما توهّم ، بل المحرّم والمحلّل إنّما هو إنشاء المتعاملين وكلامهما.
والمراد بمحرّمية الكلام ما إذا اشتملت المعاملة على ما يوجب الفساد ، وحينئذ وإن لم يكن المحرّم ثابتا في خصوص المورد ، ولكن إنّما ذكر استطرادا ومتمّا للقاعدة الكليّة ، فالحصر حينئذ يكون من قبيل حصر القلب.
وكيف كان ؛ فلا دلالة في الرواية على توقّف صحّة المعاملة على الإنشاء اللفظي.
__________________
(١) مرّ آنفا.