متّحدان من جهة تحقّق أصل المعنى.
بل الّذي هو عمل للبائع إنّما هو ذلك دون البيع ، والبيع إنّما ينسب إليه باعتبار كونه موجدا له بالتوليد ، لا كونه عملا له من دون واسطة ، وذلك لما عرفت من أنّ البيع موضوع لنفس العلقة الحاصلة بين المالين بإنشاء مستقلّ من طرف ، والمطاوعة من طرف آخر.
وهذه العلقة لمّا كانت قائمة بالمتعاملين معا ، لأنّ كلّا منهما موجد لجزء العلّة وهما معا فاعل واحد صحّ الاستثناء إليهما معا باعتبار الفاعليّة ، كما في قوله عليهالسلام : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (١).
ولكن لمّا كان البائع مستقلّا في الإنشاء ، والمبيع هو المقصود في المعاملة صار البائع كأنّه هو الموجد خاصّة لهذه العلقة ، والمبيع هو الّذي يقع عليه المبادلة هو الّذي يدفع من طرفه خاصّة دون ما يدفع من الطرف الآخر ، فاستند البيع إليه عند الإطلاق ، لأنّه المستحق لذلك ، واستند المبيع إلى ما يدفعه ، لأنّه المقصود بالذات ، وصارت النسبة إلى المشتري متوقفة على القرينة وإن صحّت أيضا باعتبار كونه جزء للعلّة.
وبهذا المعنى أطلق البيع في قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٢) حيث إنّ الحلال إنّما هو نفس الماهيّة لا عمل البائع خاصّة ، كما أنّه بهذا المعنى أيضا مبدأ لاشتقاق الأفعال ، حيث إنّ المنسوب إلى الفاعل إنّما هو نفس هذه العلقة لا العلقة المنتسبة ، وليس له مصدر بهذا الاعتبار يكون الملحوظ فيه نسبة هذا المعنى.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٥ الباب ١ من أبواب الخيار.
(٢) البقرة (٢) : ٢٧٥.