والمشتري لمّا كان ملحوظا فيه جهة المطاوعة لم يصحّ نسبة البيع إليه ، لظهور التنافر بين جهة الإيجاد والمطاوعة ، وإطلاقه على عمل المشتري وإن نقل عن «الجامع» (١) ، وحكي عن بعض أهل اللغة أنّه أيضا من الأضداد (٢) ، إلّا أنّ ما استشهدوا به لذلك ممّا لا شهادة فيه على ما ذكره ، لأنّ احتمال التغليب في «البيّعان» قائم.
والحمل على عمل البائع في قوله عليهالسلام : «لا يبيع أحدكم على بيع أخيه» (٣) ممكن ، ومع ذلك كونه من الأضداد بديهي الفساد ، لأنّ الإطلاق على عمل المشتري باعتبار الموجدية كالبائع ممكن ، غايته كون الإطلاق من التعرية من جهة المطاوعة ، وملاحظة مجرّد التسبيب في الإيجاد ، ومع ذلك لا يخلو عن مخالفة لظاهر الاستعمالات ، بل لم نجد إطلاقه صريحا على عمل المشتري في شيء من الأخبار والآثار.
وأمّا الشراء ؛ فلأنّه ـ كما عرفت ـ ترك الشيء والتمسّك بغيره ، وهذا المعنى يختصّ بعمل البائع ، لأنّه التارك دون المشتري ، وذلك لما عرفت أنّ الملحوظ في المعاملة هو المبيع ، فيكون الشاري هو البائع.
وحيث أنّ صاحب الثمن مطاوع لعمل البائع يطلق عليه المشتري ، ولا يصحّ أن يطلق عليه الشاري.
فكونه من الأضداد بيّن الفساد ، فإنّ الشراء لم يطلق على معنى البيع ، ولا
__________________
(١) نقل عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة : ٤ / ١٥٢ ، الجامع للشرائع : ٢٤٦.
(٢) القاموس المحيط : ٤ / ٣٤٧.
(٣) لاحظ! جواهر الكلام : ٢٢ / ٢٤٥ ، ومستدرك الوسائل : ١٣ / ٢٨٦ الحديث ١٥٣٧٢.