البيع على معنى الشراء ، بل هما من المتباينين ولا ينسبان إلى البائع ، وإنّما ينسبان إلى صاحب المثمن على نحو المطاوعة ، فيقال عليه : إنّه مبتاع ومشتري ، فالإنشاء من طرفه «ابتعت» و «اشتريت» ، لا «بعت» و «شريت» والإنشاء بهما مختصّ بالبائع.
وبما ذكرنا يتّضح النظر فيما ذكره في «الجواهر» في هذا المقام ، قال رحمهالله : (ويتحقّق إيجابه ـ أي البيع ـ بـ «بعت» ، بل وب «شريت» ، على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل لعلّها كذلك ، لاشتراك كلّ من لفظي البيع والشراء بين المعنيين ، فهما حينئذ من الأضداد ، كما عن كثير التصريح به.
بل في «مصابيح» الطباطبائي : لا خلاف بينهم في وضعهما للمعنيين ، فيصحّ استعمال كلّ منهما حينئذ في الإيجاب والقبول على الحقيقة.
ولا يقدح الاشتراك وإلّا لامتنع الإيجاب بالبيع ، ولا ظهورهما في [أشهر] معنييهما ، لوضوح القرينة المعيّنة لغيره ، وهي وقوع البيع من المشتري ، والشراء من البائع على أنّ استعمال الشراء في البيع كثير.
بل قيل : إنّه لم يرد في الكتاب العزيز غيره ، نحو : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ) (١). [و] (الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) (٢). (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٣).
وكذا استعمال البيع في الشراء كثير [أيضا] ، ومنه : «البيّعان بالخيار ما لم
__________________
(١) يوسف (١٢) : ٢٠.
(٢) النساء (٤) : ٧٤.
(٣) البقرة (٢) : ٢٠٧.