فتصحّ المعاملة بمجرّد الاعتبار مع جهل كلّ من المتعاقدين بالحال.
فقوله رحمهالله : (لم ينعقد شيء من هذه الصور عندنا) الظاهر في دعوى إجماع الإماميّة عليه ، لا بدّ من توجيهه ، فإنّه ـ أعلى الله مقامه ـ معترف بصحّة التعليق في نظائر المقام وعدم اعتبار الجزم من جهتها ، فهل يمكن أن يتوهّم اعتبار الجزم بلحوق القبول في صحّة الإيجاب ، أو الإجازة في صحّة إنشاء عقد الفضولي؟
وعن كتاب البيع من «النهاية» : (ولا بدّ وأن يقع الإيجاب والقبول منجّزا ، فلو علّقه على شرط لم يقع ، كما لو قال : إن دخلت ، لأصالة بقاء الملك.
ولو علّقه على مشيّة المشتري ، بأن قال : بعت هذا بألف إن شئت ، فقال : اشتريت ، لم يقع أيضا ، لما فيه من التعليق ، كما لو قال : إن دخلت الدار.
ويحتمل هنا الصحّة ، لأنّ هذه صفة يقتضيها إطلاق العقد ، فإنّه لو لم يشأ لم يشتر ، والحقّ الأوّل ، فإنّه حال الإيجاب غير عالم بحاله ، فلم يوقع الإيجاب منجّزا) (١) ، انتهى.
وعن كتاب البيع من «التذكرة» بعد ذكره اعتبار الجزم : (فلو علّق العقد على شرط لم يصحّ ، وإن كان الشرط المشيّة ، للجهل بثبوتها حال العقد وبقائها مدّته ، وهو أحد قولي الشافعيّة ، وأظهر الوجهين لهم الصحّة ، لأنّ هذه صفة يقتضيها إطلاق العقد ، لأنّه لو لم يشأ لم يشتر) (٢) ، انتهى.
وعن كتاب الضمان منها قال : (يشترط فيه التنجيز ، فلو علّقه بمجيء الشهر ، أو قدوم زيد لم يصح) ـ إلى أن قال ـ : (ولو قال : إن لم يؤدّ إليك غدا فأنا
__________________
(١) نهاية الإحكام : ٢ / ٤٥١.
(٢) تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٦٢.