الإنشائية أو الخبريّة ، وظاهر أنّهما بعد الحدوث لا يتصوّر فيهما التعليق ، ونحو هذا التعليق لا يتصوّر وقوعه فضلا عن النزاع في صحّته وبطلانه ، والتعليق بمعنى آخر خال حينئذ عن محلّ الكلام ، أي إظهار النسبة الإنشائيّة وإحداثها ينافي التعليق.
الثاني : أنّ ترتّب الأثر على الإنشائيّة أثر خارج عن الإنشاء لا يتوقّف إنشائيّة الإنشاء على ترتّبه ، فلا يضرّه العلم بعدم ترتّب الأثر فضلا عن الشكّ فيه ، فإنّ إنشاء عقد الفضولي حال علمه بعدم تعقّب الإجازة إنشاء لا نقص في الإنشائيّة ، كما لا نقص في إنشائيّة إيجاب البائع مع علمه بعدم ترتّب الأثر عليه بدون تعقّبه لإنشاء القبول ، فتوقّف ترتّب الأثر على اشتمال الإنشاء على الشرائط وفقد الموانع أمر آخر لا ربط له بحقيقة الإنشاء.
الثالث : أنّ الإنشاءات تختلف بحسب الأثر ، فمنها ما يكون أثره الفعليّة كالبيع والنكاح والطلاق ، ومنها ما يكون أثره الإعداد وإنشائيّة لترتّب الأثر عليه في الزمان المتأخّر كالوصيّة والمكاتبة والتدبير ، فإنّ المعلول من إنشاء الوصيّة هو صيرورة المال بحيث يصير ملكا للموصى له عند موت الموصي ، والمعلول من إنشاء المكاتبة إعداد العبد للانعتاق عند أداء مال الكتابة ، والمعلول للثالث إعداد العبد للانعتاق عند موت المولّى ، وهذا بخلاف البيع ، فإنّ أثره ثبوت الملكيّة بنفس الإنشاء.
ولا ريب أنّ هذا الاختلاف إنّما هو لاختلاف أصل الماهيّة وكيفيّة التأثير والتسبيب بحسب جعل أصل السبب ، لا بحسب اختلاف قصد المنشئ في إنشائه بحيث يدور مدار قصده ، كما سيتّضح.