وحيث عرفت ما ذكرناه لك من الامور فنقول : التعليق في العقود والإيقاعات إن اريد به التعليق في أصل الإنشاء ـ أعني به فعل الشخص من حيث كونه فعلا له ـ فهو كالتعليق في أصل الإخبار أمر غير متعقّل ضرورة ، استحالة فعليّة الوجود ، والتوقّف ليس من محلّ الكلام في شيء ، وإنّما الكلام في مقامين :
أحدهما : تأخّر الأثر بالتعليق على أمر متأخّر عن الإنشاء.
وثانيهما : تعليق الإنشاء على ما لا يعلم بتحقّقه.
أمّا الأوّل ؛ فقد عرفت أنّه يجوز بالنسبة إلى الإنشاءات الّتي شرعت للإعداد لا للفعل ، كما في الوصيّة والوصاية والتدبير والمكاتبة ، فإنّ الوصيّة تمليك حيث ينقطع عنه الملكيّة بالموت وتأثيره الفعلي إعداد المال لأن يملكه الموصى له ، فهو حينئذ ملك أن يملك ، والوصاية جعل ولاية حيث ينقطع السلطان والولاية عن الموصي بالموت ، ويلزم بعد الموت ، لعدم التمكّن وإلّا فليس حقيقتها إلّا النيابة.
والتعليق في التدبير مقوّم لماهيّته ، والمكاتبة عقد فكّ الرقبة بدفع مال معيّن ، فتوقّف فعليّة الحريّة على الدفع من مقتضيات البدليّة ، كتوقّف استحقاق الأجير للاجرة على العمل المستأجر له.
وأمّا البيع ؛ فإنّما شرع للتأثير والفعليّة ، فتأخّر تأثيره عن حال وقوعه تصرّف في كيفيّة تأثير الأسباب ، وهو خارج عن اختيار المنشئ ، فقولك : بعتك هذا إذا جاء رأس الشهر الفلاني ، إن اريد به عدم تأثيره إلّا في ذلك الوقت فهو تفكيك للمسبّب عن السبب ، وهو خارج عن اختيار المكلّف ، وإن اريد به عدم