(أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) لم يثبت إلّا على الماهيّة العرفيّة ، وليس حقيقة البيع عندهم إلّا المبادلة العرفيّة الّتي هي سبب شرعا للملكيّة.
وأمّا إنشاء إرادة المبادلة في المستقبل وتأثيره فعلا في إعداد المال لحصول البدليّة فيه ؛ ليس من حقيقة البيع في شيء ، وحقيقته ليست إلّا المبادلة الحاصلة بالإنشاء ، ومع إرادة حصولها بالإنشاء فالتعليق يرجع إلى تأخّر سببها عنها ، وهو أمر خارج عن اختيار المنشئ وتصرّف في السبب الشرعي ، فيبطل لخروجه عن الأسباب الشرعيّة.
وإلى ما ذكرنا يشير أيضا ما ذكره الفاضل القمّي رحمهالله في رسالته ، حيث قال : (إنّ أصل النقل لا بدّ أن تحصل بنفس الإنشاء ، وذلك لا يكون إلّا بالجزم والقطع بذلك ، والتعليق ينافي ذلك ، واللفظ المذكور في العقد هو الناقل ، فلو علّق تأثيره على حصول شيء آخر فلم يحصل النقل بذلك اللفظ وهو خلاف المفروض) (٢) انتهى.
وبهذا البيان يظهر لك سقوط جميع ما أورده رحمهالله عليه ، فلاحظ وتأمّل حتّى يظهر لك الحال.
قوله : (مع أنّ تخلّف الملك عن العقد كثير جدّا) (٣).
الظاهر أنّه أراد بذلك مثل انتقال منافع العين الموقوفة إلى البطون المتأخّرة ، فإنّه منفصل عن زمان العقد ومثل انتقال العين الموصى بها إلى الموصى له بعد موت الموصي ، وانتقال الموهوب إلى الموهوب له بعد القبض ،
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) المكاسب : ٣ / ١٧١.