ولمّا كان الخروج عن العهدة غالبا بالأداء ، وكان الغرض إفادة أنّ هذا الضمان لا مزيل له إلّا من طرف المضمون له عبّر بهذه العبارة.
ولا يخفى أنّ متعلّق الأخذ والأداء شيء واحد ، والمؤدّى هو عين المأخوذ ، والبدل عين المبدل عند الحيلولة وعند التلف.
وتوضيح الكلام في ذلك : أنّ مقتضى تعهّد الشخص بالمال وضمانه المستفاد من صريح الرواية ومنطوقها ـ من غير حاجة إلى تقدير الضمان ـ هو بقاء المال عنده ، ولو بعد التلف ، فينتقل المال بعد الجزئيّة إلى الكليّة ، أي : تبطل خصوصيّته ويسقط ردّه ويتعلّق ماليّته بذمّته.
وحينئذ فإذا عيّن الضامن تلك الكليّة في خصوصيّة خارجيّة فقد أدّى الّذي أخذه بماليّته لا بخصوصيّته ، فالبدل حينئذ عين المبدل من جهة وغيره من اخرى.
وحاصل الكلام ؛ أنّ المأخوذ مضمون قبل التلف وبعده ، ومعنى ضمانه : تعهّده به والتزامه بردّه التزاما وضعيّا ، وأثر هذا الضمان قبل التلف وجوب حفظه وردّ عينه ، وبعد التلف ردّ ماليّته إمّا بالمثل أو القيمة ، لتعذّر ردّ خصوصيّته ، لا أنّه يتبدّل المأخوذ بعد التلف بالمثل أو القيمة ، ويحصل المبادلة القهريّة.
ولذا لو فرض إعادة المعدوم بإحياء الميّت بإعجاز ـ مثلا ـ بعد أخذ القيمة ، تسلّط المالك على أخذ عين ماله وردّ ما أخذه من القيمة ، كتسلّط الضامن على أخذ عين ماله ، وليس ذلك إلّا لعدم حصوله المبادلة بالتلف ، بل إنّما سقط ردّ الخصوصيّة ، لتعذّره ، وبقي الماليّة الّتي هي المقصودة بالأصالة في الأموال تؤخذ في ضمن خصوصيّة اخرى ، فالخصوصيّة الّتي تلفت لا بدل لها ، والقيمة المؤدّاة هي الماليّة المأخوذة وبدليّتها باعتبار تغيّر الخصوصيّة لا باعتبار تبدّل الاستحقاق.