فنقول : ذكر جماعة تبعا للعلّامة قدسسره أنّ الأصل في البيع اللزوم (١) ، والمراد به يمكن أن يكون أحد امور :
الأوّل ؛ أن يكون المراد منه أنّ البيع بطبعه الأصلي يوجد لازما ، كما يقال : إنّ الجسم بذاته الأوّلي الأصلي فيه الاستدارة ، وهذا المعنى يحتمل وجهان :
أحدهما ؛ أن يكون المراد أنّ مقتضى طبع البيع أن يكون موجبا لقطع الملكيّة عن المالك بحيث لا يبقى له علاقة أصلا ، فيكون اللزوم مأخوذا في ماهيّة البيع وحقيقته لو خلّي وذاته ، بخلاف مثل الهبة ، فإنّها لا يوجب قطع جميع العلائق عن المالك ، فيكون الجواز مأخوذا في ماهيّتها ، لا أن يكون من أحكامها ، بناء على هذا المعنى على فرض تماميّته [فهو] أصل مختصّ في خصوص البيع ، ولكنّه لا يناسب جعل الجواز في الهبة من أحكامها الشرعيّة ، كما عن الشيخ قدسسره (٢) ، بل لا بدّ من جعلها في قبال البيع من حيث إنّ فيها تبقى علاقة ضعيفة للمالك ، وهم لا يلتزمون بذلك.
والآخر ؛ أن يكون المراد أنّ طبع كلّ عقد ناقل للملك أن يوجب قطع جميع العلائق عن الملك ، كما أنّ طبع الجسم يقتضي الاستدارة ، فحينئذ لو كان في مورد يثبت خلاف ذلك ، لا بدّ أن يكون بقسر قاسر وجبر جابر ، كجعل الخيار من قبل الشارع ، وعلى هذا لا يختصّ هذا المعنى بباب البيع ، بل يجري في كلّ عقد ، فلا يصحّ حينئذ جعل الهبة في قبال البيع ، لأنّ كون الأصل هو اللزوم بهذا المعنى
__________________
(١) كما في القواعد والفوائد : ٢ / ٢٤٢ القاعدة ٢٤٣ ، والتنقيح الرائع : ٢ / ٤٤ ، وكفاية الأحكام : ٩٢ ، وجواهر الكلام : ٢٣ / ٣ ، وانظر! تذكرة الفقهاء : ١ / ٥١٥ ، قواعد الأحكام : ٢ / ٦٤.
(٢) المكاسب : ٥ / ١٤ و ١٥.