إذا لم يكن منافيا لجعل الشارع حكما على خلافه في خصوص مورد.
فهذا الحكم قد يكون من جهة جعل الخيار لأحد المتبايعين أولهما في مثل باب البيع ، وقد يكون من جهة جعل السلطنة وجواز الرجوع للمالك الأوّل في استرجاع مال غيره إليه في باب الهبة ، فمجرّد كون المجعول في باب البيع هو الخيار وفي باب الهبة هو جواز الاسترجاع لا يوجب تفاوتا في ما هو مقتضى أصل العقد ، أعني قطع جميع العلائق ، فلا وجه لجعل البيع في قبال الهبة ، كما صنعه شيخنا قدسسره (١).
وبالجملة ؛ الأصل بهذا المعنى لو ثبت ، وإن كان أصلا كلّيا يجري في جميع العقود الناقلة ، ولكن هو بنفسه محتاج إلى دليل يثبته وإلّا فلا يثمر مجرّد احتماله ، فلا بدّ من التكلّم فيما تقتضيه الأدلّة الشرعيّة ، كما سيجيء.
الثاني ؛ أن يكون المراد به الغلبة بأن يقال : الغالب في أقسام البيع وأفراده هو اللزوم ، فالمشكوك في لزومه وجوازه يلحق بالغالب.
وفيه ؛ أنّه ممنوع من حيث الصغرى والكبرى.
الثالث ؛ أن يكون المراد به الاستصحاب ، بمعنى أنّ الأصل بقاء أثر البيع بعد الفسخ عند الشكّ في اللزوم ، وهذا المعنى يتمّ لو لم يكن لنا دليل اجتهاديّ في المقام ، والبحث الآن ليس في ذلك ، بل في أنّ الأصل الاجتهادي أيّ شيء يقتضي؟
نعم ؛ لو لم يكن لنا دليل اجتهادي يبيّن حال البيع بما هو مقتضى العقد ، فعند الشكّ يرجع إلى الاستصحاب ، وليس حينئذ هو أصلا مبيّنا حال البيع بما هو عقد ، كما لا يخفى.
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ١٤ و ١٥.