مجال ، وأمّا مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فلا وجه لصرفه عن ظاهره ، وجعله كناية عن ذلك.
وأمّا المحذور الّذي أشار إليه ؛ فالإنصاف أنّ حمل الآية على غير معنى وجوب ترتيب الآثار على العقد خلاف الظاهر ، ضرورة أنّ الوفاء بالعقد ليس إلّا عبارة عن العمل على طبق مضمونه الّذي هو ترتيب الآثار على العقد ، ومن المعلوم أنّه مقدور للمكلّف ، كما أنّه مقدور له أن لا يرتّب الآثار عليه بعدم قبض المبيع إلى المشتري ونحوه ، فإذا كان الوفاء هو العمل على طبق العقد مقدورا للمكلّف ، فيصحّ الإيجاب عليه تكليفا ، فلا وجه لحمل اللفظ على خلاف ظاهره.
فهذا التقريب لا يتمّ ولا يثبت به المدّعى ، فينحصر التقريب بما أفاده شيخنا قدسسره في المقام والمعاطاة (١).
وحاصل بيانه ؛ أنّ الآية دلّت على وجوب الوفاء بالعقد يعني العهد ، ومعناه : الوفاء به ، العمل على طبق مضمونه ، وهو ليس إلّا تمليك المال للغير ، والعمل على مقتضى هذا المضمون عبارة عن عدم التصرّف فيه بغير رضا صاحبه الّذي انتقل المال إليه ، فإذا وجب الوفاء به مطلقا فيحرم عليه التصرّف مطلقا ، أي في جميع الأحوال ، لأنّه نقض للعقد ، ومن الأحوال التصرّف بعد الفسخ ؛ فيكون حراما بمقتضى إطلاق الآية ، فحينئذ يكشف ذلك عن عدم تأثير الفسخ ، لأنّه لو كان مؤثّرا في إزالته لا يكون التصرّف حراما ، فإذا ثبت حرمته بمقتضى إطلاق الآية ، فيكشف ذلك آنا بعدم تأثير الفسخ وكونه لغوا ، وهذا المعنى ملازم مع لزوم
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ١١٠ ـ ١١٤ و ٥ / ١٧ و ١٨.