الّذي اعتبر في نفوذ الشرط عدم مخالفته له هو الّذي يثبت على وجه غير قابل للتغيّر بالشرط لأجل تغيّر موضوعه بالاشتراط (١).
توضيح ذلك ؛ أنّ حكم الموضوع قد يثبت له وجه من حيث نفسه ومجرّدا عن ملاحظة عنوان آخر طارئ عليه ، ولازم ذلك عدم التنافي بين ثبوت هذا الحكم وحكم آخر له إذا فرض عروض عنوان آخر لذلك الموضوع.
كما يكون كذلك حال أغلب المباحات والمستحبّات والمكروهات بل جميعها ، حيث إنّ تجويز الفعل والترك إنّما هو من حيث ذات الفعل ، فلا ينافي في طروّ عنوان يوجب المنع عن الفعل أو الترك كأكل اللحم ، فإنّ الشرع قد حكم بإباحته في نفسه بحيث لا ينافي عروض التحريم له إذا حلف على تركه ، أو أمر الوالد به ، أو عروض الوجوب له إذا صارت مقدّمة للواجب ، أو نذر فعله. وقد يثبت له لا مع تجرّده عن ملاحظة العنوانات الخارجيّة الطارية عليه ، ولازم ذلك حصول التنافي بين ثبوت هذا الحكم وحكم آخر له.
وهذا نظير أغلب المحرّمات والواجبات ، فإنّ الحكم بالمنع عن الفعل أو الترك مطلق لا يقيّد بحيثيّة تجرّد الموضوع إلّا عن بعض العنوانات ، كالضرر والحرج ، فإذا ورد حكم آخر من غير جهة الحرج والضرر فلا بدّ من وقوع التعارض بين دليلي الحكمين ، فيعمل بالراجح بنفسه أو من الخارج.
إذا عرفت ذلك فنقول : الشرط إذا ورد على ما كان من قبيل الأوّل لم يكن الالتزام بذلك مخالفا للكتاب ، لفقد مناط التنافي كما سمعت ، وإذا ورد على ما
__________________
(١) المكاسب : ٦ / ٢٦.