فمقتضى الأصل ، البراءة ، ففي ما نحن فيه إذا فرضنا صيرورة اللفظ مجملا من جهة الشك المزبور فلا دليل على نفوذ الشرط ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ المحكيّ عن العلّامة في «التذكرة» أنّه لو نذر المولى عتق عبده إذا باعه ، بأن يقول : لله عليّ أن اعتقك إذا بعتك ، فلا يجوز له بيعه بشرط ينفي الخيار وسقوطه ، فلو باعه كذلك فلا يصحّ ؛ لصحّة النذر فيجب الوفاء به ، ولا يتمّ إلّا مع الخيار (١).
أقول : تفصيل الكلام في هذا الفرع وتوضيحه يظهر بعد بيان أصل المبنى له ، وهو أنّه إذا نذر أحد عملا وفعلا معلّقا على شيء فهل يجوز له التصرّفات المنافية للنذر والوفاء به قبل حصول المعلّق عليه أو مطلقا أم لا؟ فإذا نذر التصدّق بعين لو شفى ولده ، أو نذر صلح عين إذا آجرها مثلا ، فهل لا يجوز بيعه ولا صلحه ونحوهما ممّا ينافي العمل بالنذر ، أم يجوز فيصحّ التصرّفات المنافية وضعا ، غاية الأمر عصيانه من جهة عدم الوفاء بالنذر؟
وتنقيح البحث في ذلك أنّه إذا علّق نذره على حصول شيء في الخارج من باب الاتّفاق ، كما إذا علّق عتق عبده على بيعه ، فتارة يجعل أصل نذره معلّقا حصول ذاك الشيء في الخارج ، بأن ينشأ النذر المشروط ، كما إذا قال : لو شفي ابني فلله عليّ التصدّق بعين كذا ؛ بحيث يصير أصل النذر معلّقا كالواجب المشروط ، ولا بأس به لجواز التعليق في النذر.
واخرى يجعل أصل نذره مطلقا ، ولكن يجعل المنذور معلّقا ، كما إذا نذر بالفعل عتق عبده على فرض بيعه ، فيكون المنذور الفعلي هو العتق على فرض
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ١ / ٤٩٥ ، المكاسب : ٥ / ٦٠.