وكذلك دليل وجوب الوفاء بالنذر ودليل الوفاء بالشرط ، والمفروض عدم إمكان الجمع بينهما للتنافي والمزاحمة بينهما فتحوّل الدليل بالنسبة إلى النذر الأوّل موقوف على بطلان الثاني ، وبطلانه موقوف على صحّة النذر الأوّل ، حتّى لا يبقى مجال للنذر الثاني ، وهو موقوف على اختصاص الدليل به ، وهذا دور واضح.
ومجرّد تقدّم أحدهما زمانا بحسب الإنشاء لا يقتضي ترجيح الأوّل على الثاني ، بعد كونهما متساويين في الفرديّة بالنسبة إلى العامّ ، وما نحن فيه نظير قيام إحدى البيّنتين على ثبوت شيء في زمان ، وقيام بيّنة اخرى على خلاف ما أفاده الاولى في زمان متأخّر عن الاولى ، ومثل ما إذا حصل للمرأة دم يمكن أن يكون حيضا في زمان ، ثمّ حصل آخر في زمان متأخّر عن ذلك الزمان ، مع عدم إمكان الجمع بينهما ، فحينئذ قاعدة الإمكان بالنسبة إليهما على حدّ سواء لا ترجيح لأحدهما بالنسبة إلى آخر بمجرّد التقدّم والتأخّر زمانا ، كما لا يخفى.
والتحقيق في دفع الإشكال في أمثال ما نحن فيه ـ بعد الفراغ عن كون مثل النذر والشرط مفيدة للوضع ، وأنّ النذر المعلّق جائز بلا إشكال ، ويكون مثل قوله : إن بعتك فلله عليّ عتقك ظاهرا في تعليق أصل النذر ـ هو أن يقال : لمّا لا ريب في أنّه لو كان لنا مقتض تنجّزيّ لشيء ومقتض تعليقي لضدّه ومعارضه ، فلا بدّ من تقديم الأوّل على الثاني ؛ لعدم قابليّة الثاني للمعارضة ، بعد فرض كون تأثيره معلّقا على عدم تأثير الآخر ، بخلاف الأوّل الذي لا تعليق فيه ؛ بل هو مطلق فيؤثّر أثره ، بل ويصير مانعا عن تأثير الآخر ، وقد تقدّم هذا المعنى في شرط عدم ثبوت الخيار عند ملاحظة النسبة بين اقتضاء البيع للخيار ودليل الشرط.