معلّق على أن لا يصرف التمكّن في إبقاء القدرة على العمل بالنذر الأوّل ، وهو متوقّف على عدم نفوذ النذر الأوّل ، فلا يزاحم الثاني للأوّل ، بل هو صحيح دون الثاني.
ومن هنا ظهر حكم كلّ ما هو من قبيل ما نحن فيه ، وأمّا مثل البيّنتين المتعارضتين ودمين يجري في كلّ منهما قاعدة الإمكان ، فلا يكون من قبيل المقام ممّا لا يكون تحت اختيار المكلّف بحسب المقتضيات والشرائط ، فافهم.
ومن مسقطات خيار المجلس بل كلّ خيار إسقاطه بعد العقد ، ولا خلاف في أصل الحكم ، بل ادّعي الإجماع عليه (١) ، فأصل الحكم ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام في مدركه ، والتحقيق في المدرك هو من جهة الامتياز بين الحكم والحقّ ، مع كون كلّ منهما مجعولا من قبل الشارع ، وأمر جعلهما بيده ، إلّا أنّ الحكم كما أنّ أمر جعله بيده فكذلك أمر رفعه وسقوطه ، فليس للمكلّفين فيه ربط وجهة تصرّف لا وضعا ولا سقوطا ولا بقاء.
وأمّا الحقّ ؛ فهو وإن كان أمر جعله بيد الشارع ، ولكن الشارع جعل أمر بقائه وإسقاطه بيد المكلّف ، فقوام الحقّ أن يكون أمر إبقائه وإعدامه بالإسقاط بعد جعله بيد المكلّف ، وكلّ ما لم يكن كذلك فهو من قبيل الحكم ، وإن كان قد يعبّر عنه بالحقّ ، كما يقال : للمؤمن على المؤمن حقوق كذا ، فأمثال هذه الامور الّتي ليس أمر إسقاطه بيد المكلّف كلّها من الأحكام وإن عبّر عنها بالحقّ مسامحة من جهة ، كعيادة المريض ونحوها.
وأمّا الفرق بينهما بأنّ الحقّ ما هو القابل للانتقال دون الحكم ، ففيه ؛ أنّ
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٦١.