وأمّا الابتداء ، فحكمه من هذه الجهة حكم خيار المجلس واتّحاد السياق فيها في حمل الظهور ، كما لا يخفى.
ومع ذلك قد خالف فيه ابن زهرة والشيخ وابن إدريس فجعلوه مبدأه من حين الافتراق (١).
والعمدة لما يمكن الاستدلال لهم أمران :
أحدهما ؛ ما هو الوجه العرفي ، وهو أنّه قد مرّ أنّ الحكمة في جعل هذا الخيار الإرفاق والامتنان على العباد من جهة أنّهم لعلّه اطّلعوا على أمر كان مختفيا عليهم حين البيع ، ومن المعلوم أنّ الإرفاق لا يتصوّر إلّا إذا كان المكلّف في ضيق وكلفة لو لا ذلك ، وهذا المعنى قبل انقضاء خيار المجلس غير متحقّق ، فلا بدّ أن يكون مبدأ هذا الخيار بعد انقضاء المجلس.
وفيه ؛ أنّه قد تقدّم أنّ الحكمة بما هي لا يكون دليلا حتّى يدور الحكم مداره ، بل هو على فرض ثبوته يوجب قوّة الدليل ، وهو مفقود في المقام ، بل قد عرفت وجود خلافه.
وأمّا الثاني : ما هو مقتضى حكم العقل من أنّ العقد وإن كان له جهة إضافة إلى المجلس وإضافة إلى الحيوان ، وهما لو كانتا تقيّدتين يمكن أن يكون لكلّ جهة خيار ، بأن يكون العقد بما هو مقيّد بالمجلس موضوعا لخيار المجلس ، وبما هو مقيّد بالحيوان موضوعا لخياره إلى ثلاثة أيّام ، ولكن من المعلوم أنّ هاتين الجهتين ليستا تقييديّة بل تعليليّة ، فحينئذ يصير موضوع الخيار ذات العقد.
__________________
(١) غنية النزوع : ٢٢٠ ، المبسوط : ٢ / ٨٥ ، السرائر : ٢ / ٢٤٧ ، ولاحظ! المكاسب : ٥ / ٩٢.