وإن كان حمل كلام الشيخ قدسسره على الأخبار الواردة في خيار الحيوان ، بدعوى إطلاق الشرط فيها في غاية البعد ؛ لبداهة أنّ المراد بالشرط في قوله : «أمّا الشرط في الحيوان» هو الشرط الإلهي ، كما أنّه ورد فيها أيضا : وأمّا الشرط في غير الحيوان قال : «البيّعان بالخيار حتّى يفترقا» (١) وكذلك حمله على خبر حنّان (٢) المتقدّمة أيضا بعيد ، فالمسألة بحسب الفتوى في غاية الإشكال ، وإن عرفت أنّه بحسب الدليل الأقوى البطلان.
ثمّ إنّ المراد من الغرر عبارة عمّا يكون الجهل فيه بمثابة لو لا بالنظر المسامحي ؛ لحكم العرف بأنّه غرر ، وما لو لم يكن كذلك ولو مع الدقّة يكون خارجا ، مثل الجهل بالتفاوت اليسير بين المكيلات.
نعم ؛ لا اعتبار بالمسامحات العرفيّة كتسامحهم في الجهل بزمان الحصاد أو الدّياس ، أو لساعة أو لساعتين من اليوم ، فإنّ ذلك ليس من جهة أنّهم لا يرونه غررا حتّى يقال بأنّ الغرر في الشرع أوسع دائرة من الغرر عند العرف ، بل مع أنّهم لو كان الأمر في مقام المداقّة يعترفون بكونها غررا ، ولكن مع ذلك يتسامحون ويقدمون في المعاملات على مثل ذلك الغرر.
فحينئذ ؛ بعد ورود النهي عن بيع الغرر مع كونه مطلقا لا بدّ من التعميم ، كما ورد الأخبار أيضا في مثل الحصاد والدياس في السلم (٣) ، فلا بدّ من تعيين مدّة الخيار ابتداء وانتهاء على وجه يرتفع الجهالة رأسا ، ولكنّه لا يعتبر أن تكون المدّة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٦ الحديث ٢٣٠١٥ و ١٠ الحديث ٢٣٠٢٥ و ١١ الحديث ٢٣٠٢٨.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٥ / ٢٧٣ ، كنز العمّال : ٤ / ٥٩ الحديث ٩٤٩٩ و ٩١ الحديث ٩٦٨٢.
(٣) وسائل الشيعة : ١٨ / ٢٨٨ الباب ٣ من أبواب السلف.