فكما أنّه ليس له إسقاط الخيار قبله إذا فرضنا ثبوت خيار بعده كخيار الحيوان ، فكذلك في المقام بعد ما فرضنا أنّ الخيار لم يكن ثابتا له بعد العقد ، فليس له إسقاطه لعدم ثبوت حقّ له ، فيكون إسقاطه من قبيل ما لم يجب ، فحينئذ ظرف إسقاطه على الوجه الأوّل ينحصر بما بعد الردّ.
ومن هنا قال في «التذكرة» : إنّه لا يجوز إسقاط الخيار للشرط والحيوان بعد العقد ، بناء على حدوثهما من زمان التفرّق وانقضاء خيار المجلس (١).
هذا ؛ ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ ردّ الثمن المعلّق عليه الخيار لو كان من قبيل جزء المقتضي له ليتمّ الإشكال ، وكان من قبيل إسقاط ما لم يجب ، كما يتبيّن.
وأمّا لو بنينا على أنّ المقتضي له نفس العقد ولو بالشرط ، وأنّ ردّ الثمن هو من قبيل الشرط الموجب لتحقّق القابليّة في المحلّ كما هو الظاهر من التعليق ، فلا يرد ، إذ المقتضي لثبوت الشيء إذا تحقّق فالعقلاء لمّا يعتبرون الثبوت بالنسبة إلى المقتضى ـ بالفتح ـ ويرتّبون عليه أحكام الوجود ، لا سيّما فيما إذا علم بعدم تحقّق المانع في البين ، ولهذا يعتبرون الحقّ فعلا لمن نصب شبكة ولو لم يتحقّق الصيد فعلا.
ففي ما نحن فيه لمّا كان المقتضي لأصل الخيار متحقّقا بالفعل فيعبرونه لصاحبه بالفعل ، فلا يصير إسقاطه من قبيل ما لم يجب ، بل الموجود.
نعم ؛ لو كان المراد إسقاط الخيار الفعلي ، بأن يكون الغرض رفع الخيار الفعلي ، فهذا لا يصحّ ، إذ المفروض أنّ ظرف الخيار بعد الردّ.
__________________
(١) نقل عنه في المكاسب : ٥ / ١٣٥ ، لاحظ! تذكرة الفقهاء : ١ / ٥٢٠.