نقيض حكم أصل الموضوع ، وهو عدم اللزوم ، وهو ملازم لحكم العامّ ، وإلّا فلا سبيل إلّا بالتمسّك إلى أصالة اللزوم واستصحابه ، ومن ذلك ظهر حكم الصورتين الأخيرتين.
يشترط في ثبوت الخيار أمر آخر ، وهو أن يكون الغبن فاحشا ، وقد حدّ ذلك بحدود ، والظاهر أنّ القدر المتيقّن منه هو الزائد عن العشر ، وأمّا العشر وما نقص عنه فهو متسامح فيه بالنسبة إلى كلّ معاملة ، والأحسن جعل المعيار هو العرف وأهل الخبرة على ما أظنّ.
وأمّا ما لو شكّ في فرد من أنّه من المتسامح فيه أو غيره ، فقد قال الشيخ قدسسره : المرجع أصالة ثبوت الخيار ، ثمّ احتمل أن يكون أصالة اللزوم هو المرجع (١).
نقول : يختلف الحكم باختلاف المبنى ، فإن قلنا بأنّ الضرر منصرف إلى ما لا يتسامح فيه ، بحيث لا يطلق على ما لا يتسامح فيه الضرر ، فتصير الشبهة مفهوميّة ، لأنّ منشأها عدم معرفة حدّ المفهوم من جهة الانصراف. فلمّا كانت القاعدة حاكمة على أصالة اللزوم.
فإن قلنا بأنّ إجمال الحاكم يسري إلى المحكوم فقاعدة اللزوم أيضا يصير مجملا ، فلا بدّ من الرجوع إلى أصل آخر من استصحاب عدم التأثير وغيره.
وإن قلنا بأنّ نظر الحاكم إنّما يكون في مقدار المتيقّن من مفهوم الحاكم ونظره ، فلا يسري إجماله إلى عموم اللزوم ، ويكون هو المرجع ، والقاعدة غير جارية ؛ لأنّ مفهوم العامّ إذا صار مجملا فلا يجوز التمسّك به إلّا في الأفراد
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ١٧٠.