على وجه المقابلة بالعمل ، بل على وجه إحداث الداعي للعمل ـ : أنّ الإعطاء على هذا الوجه في الثاني مكشوف متبان عليه بينهما ، بخلاف الأوّل ، لأنّ عنوانه الظاهري إنّما هو على وجه المجانيّة الصرفة ، وكون الغرض إيراث الداعي للحكم ؛ أمر باطني غير مظهر ومذكور.
ولذا حكم بكونها غلولا ، ومع عدم هذا الغرض في الباطن ؛ لا إشكال في جوازه وحلّيّته.
ويدلّ على أنّ الرشوة غير الاجرة ، ما ذكر في الرواية : من أنّ السحت اجور القضاة ، ثمّ ذكر الرشوة ، وكونها أشد وأنّها كفر بالله العظيم (١).
ثمّ الواجب على كلّ أحد إنفاذ حكم الحاكم ، لكونه بمنزلة حكم الإمام عليهالسلام فيجب حتّى على المجتهد الآخر ما لم يعلم بخطئه ، فيجب على نفس الحاكم أيضا إن لم نقل بأولويّته عليه ، وحينئذ فإن توقّف الإنفاذ على كتابته وتختّمه بخاتمه وجب عليه ذلك ، ولا يجوز أخذ الاجرة عليه لذلك ، لأنّ الواجب على الحاكم إنّما هو فصل الخصومة ، والفرض توقّفه على الكتابة أو التختيم وعدم حصوله بمجرّد إنشاء الحكم لفظا.
وقد توهّم بعض المتفقّهة من أهل زماننا جواز أخذ الاجرة للكتابة أو التختيم مستدلّا بأنّ الواجب على الحاكم إنّما هو مجرّد إنشاء الحكم دون الكتابة وغيرها.
وأنت خبير بأنّ هذا مناف لما استفدناه من أخبار الباب من أنّ الممنوع منه والمنهيّ عنه مطلق أخذ العوض لهذا العمل ، وخروجه عن قابليّة أخذ العوض
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٧ / ٩٥ الحديث ٢٢٠٦٨.