ـ قدّست أسرارهم ـ في المقام ، والمهمّ الآن صرف عنان الكلام إلى مقالة الشيخ رحمهالله في تحقيق المرام.
فأقول : قد تشكّك قدسسره في جريان الاستصحاب أوّلا من جهة اختلاف الموضوع وتغيّره ، من أنّ الموضوع في زمان الحدوث كان من لم يتمكّن من تدارك الضرر بالفسخ ، وهو في زمان البقاء قد تغيّر حتّى في نظر العرف ، فإنّ تمام الموضوع هو العنوان لمّا لم يتعيّن بالدليل اللفظي وإلّا فلو كان ثابتا باللفظ فأمكن انسحابه بنظر العرف ومسامحته (١).
وفيه ؛ أنّ ذلك مردود من جهتين :
أمّا أوّلا ؛ فلأنّ الموضوع إنّما هو الذات المتضرّر وإن لم يكن اللفظ معيّنا للعنوان إلّا أنّ نفس هذا المعنى مستكشف ممّا يثبت به الحقّ وهو القاعدة ، فإنّ مدلوله ذلك ، ولا خفاء أنّ هذا العنوان بمسامحة العرف باق ولو بعد زمان التمكّن كما في نظائره من عنوان المسافر والحائض والماء المتغيّر وغيرها.
وأنت خبير بأنّ ذلك صحيح لو كان مدرك خيار الغبن هو قاعدة «لا ضرر» مع أنّه ناقش فيها الشيخ قدسسره (٢) ، مضافا إلى أنّه مع تسليمه أيضا لا يخلو ما أفاده ـ دام ظلّه ـ عن الإشكال ، فتأمّل.
وثانيا ؛ لو بنينا في الموضوع على الدقّة فأيضا باق ، لأنّ ما قال قدسسره من أنّ الموضوع هو من لم يتمكّن من تدارك الضرر من جهة الفسخ ، مدفوع بأنّه ليس كذلك ، بل الموضوع هو من لم يتمكّن من غير جهة الفسخ ؛ لأنّ الموضوع لا
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٢١٠.
(٢) المكاسب : ٥ / ١٦١.