وبالجملة ؛ لا ينبغي إنكار الملازمة ، فعلى ذلك ينبغي أن يحرّر أنّ المقتضي لهذا الخيار ما هو؟ حتّى يكشف القناع عن المسألتين ؛
فنقول : قد أشرنا آنفا في تصحيح إسقاط الخيار في ضمن العقد أو اشتراط سقوطه بأنّ الحقّ وإن لم يكن بعد ثابتا ، إلّا أنّه لما كان مقتضيه ـ وهو العقد ـ ثابتا ، والعرف لا يفرّق في ثبوت الشيء نفسه أو مقتضيه ، بمعنى أنّه إذا رأى مقتضي شيء ثابتا يحكم بثبوت نفسه ، ويرتّب عليه أحكام الثبوت بلا تأمّل ، مع أنّ للشرع ليس بناء غير ما بنى عليه العرف ، فعلى ذلك اشتراط سقوط الخيارات في العقد الّتي يكون هو مقتضيها لا بأس به ، ولا يكون من إسقاط ما لم يجب.
ولكن هذا الكلام لا يجري في خيار التأخير ؛ لأنّ موضوعه ومقتضيه إنّما هو نفس التأخير المستلزم لتحقّق مناطه وهو الضرر (١) ، وإلّا فالعقد قبله لازم ، بخلاف سائر الخيارات ، مثل المجلس والغبن وغيرهما ، كما يستفاد من أدلّتها ، بخلاف أدلّة الباب وأخبارها ، فإنّها جعلت الموضوع نفس التأخير من الثلاثة بلا إشارة إلى العقد.
فالقول بأنّ العقد مقتض للخيار وسبب له بل كلاهما قول بلا دليل ، فما هو موضوع له يكون نفس التأخير ، فهو مثبت لهذا الخيار ، فما دام لم يثبت المقتضي يكون إسقاطا لما لم يجب ولو بعنوان مقتضيه لو اسقط في العقد أو في الثلاثة ، هذا ما يقتضيه النظر الدقيق.
فانقدح بذلك ؛ أنّ الإجماع لو تحقّق في جواز الإسقاط في إحدى
__________________
(١) كما عرفنا ذلك من باب مناسبة الحكم والموضوع ، لا أن يكون هذا الخيار حكما تعبّديا محضا ، فتأمّل ، «منه رحمهالله».