ثمّ إنّه قدسسره بعد أن أشار إلى عدم جواز ردّ المعيب خاصّة بأنّه وإن كان يمكن دفع ضرر البائع بإثبات الخيار له أيضا ـ الّذي عرفت الإشكال فيه ـ إلّا أنّه لمّا يوجب الضرر على المشتري ؛ لأنّه ربّما تعلّق غرضه بإمساك الصحيح ، فالأولى الحكم بعدم ثبوت الخيار له أوّلا (١).
ولا يخفى عليك أنّ المقام غير ما ذكرنا سابقا من أنّ خيار المشتري إذا أوجب الضرر بنفسه على البائع فلا يثبت الخيار له من أوّل الأمر ؛ لأنّ هناك لمّا يتعارض الضرران من أوّل الأمر ويسقطان ، فيرتفع المقتضي للخيار بخلاف المقام ، فإنّ الضرر على البائع يحدث بعد الردّ ، وإلّا فقبله ليس ضرر حتّى يوجب التعارض ، ولذلك المقتضي هنا موجود فلا مانع من القول بثبوت الخيار.
وأمّا ما أشار به شيخنا قدسسره إلى المانعيّة من أنّ ردّ الشقص المعيب يوجب حدوث الخيار للبائع أيضا ، فيسترجع الصحيح والمعيب ، مع أنّه ربّما تعلّق غرض المشتري بإمساك الصحيح .. إلى أن قال قدسسره في آخر كلامه : إنّ إثبات الحقّ له أوّلا ، ثمّ الحكم بثبوت الخيار للمشتري ثانيا الّذي يستلزم رفع أثر الخيار له رأسا ، ليس بأولى من منعه من أصله (٢).
ففيه ؛ أنّه عرفت أوّلا لا يحكم بثبوت الخيار للبائع مطلقا ، مع أنّه لو قلنا بثبوته له مطلقا أو في الجملة ، لا نسلّم عدم ترتّب الأثر على خيار المشتري ، كيف؟ وربّما لا يفسخ البائع ولا يأخذ بخياره.
وثانيا ؛ لا وجه لما أفاد قدسسره من أنّه ربّما تعلّق غرض المشتري .. إلى آخره ،
__________________
(١) المكاسب : ٥ / ٣٠٩.
(٢) المكاسب : ٥ / ٣٠٩ و ٣١٠.