نعم ؛ لو رجع التبرّي إلى نفس العيوب الّتي يكون لازم ذلك فرض المبيع معيوبا ، كما يصنعون كذلك بعض الدلالين ، فإنّهم إذا عرضوا شيئا للبيع يقولون : نبيع ذلك مع جميع عيوبه ، فإذا أقدم المشتري أيضا على اشتراء مثل ذلك فقد رضي بكونه معيبا ، فعند ذلك لا يتحقّق مقتض للخيار ، ضرورة أنّ المقتضي له إنّما إذا اشتري شيء على أن يكون صحيحا فظهر معيبا ، والمفروض أنّ الإقدام إنّما يكون على خلاف ذلك.
وإلى ذلك يرجع الصورة الثالثة ، وهي أن يكون المراد من التبرّي ، التبرّي عن الخيار الّذي هو حكم العيب ، وإلّا فالتبرّي عن نفس الخيار مع الالتزام بالصحّة الّذي هي منشأ حكم الشارع بالخيار ، ضرورة أنّ حكم الخيار إنّما هو من حكم الشارع المترتّب على تخلّف الوصف ، فالتبرّي عنه مع الالتزام بثبوت منشأه يرجع إلى رفع الحكم والتصرّف فيه.
فعلى ذلك ؛ لا بدّ أن يرجع الشقّ الثالث في كلام الشيخ إلى الشقّ الأوّل منه ، لا العكس كما صنعه الشيخ رحمهالله بناء على مسلكه قدسسره من كون مرجع هذا الخيار إلى اشتراط وصف الصحّة ضمنا.
وأمّا بناء على مسلك الاستاد ـ مدّ ظلّه ـ من كون منشأه هو نقض الغرض المالي نظير خيار الغبن فلا معنى للتبرّي عن نقض الغرض ؛ لأنّه حاصل على كلّ حال.
فلا بدّ أن يكون المراد من التبرّي هي الصورة الثالثة ، أي التبرّي من نفس الخيار ، بمعنى إسقاطه ، ولا يلزم المحذور السابق ؛ لعدم الالتزام بالمنشإ بعد إنكار إرجاعه إلى اشتراط الوصف الضمني.