هذا كلّه في مقام التصوّر (١) ، وأمّا في مقام التصديق ، فيمكن الدعوى بأنّ مرتكز أذهان العرف في المقام هو تعليق نفس الإرادة والإنشاء على الشرط ؛ بحيث يأبى الالتزام بأنّه يقع أوّلا إرادة مطلقة ، ثمّ يعلّق ويجعل ارتباطا بين ما أراده وأمرا آخر.
ففي مثل ما إذا قيل : بعتك بشرط الخياطة ، يتبادر من أوّل الأمر أنّ مجموع الهيئة والمادّة يرتبط بالخياطة ، لا أن يكون الهيئة مطلقة ، والمادّة معلّقة ومرتبطة.
ولا يتوهّم أنّ المقام من قبيل دوران الأمر بين تقييد المادّة فقط ، أو الهيئة والمادّة معا ، ضرورة أنّه إن قلنا بأنّ التقييد والارتباط إنّما يكون بين الخياطة والبيع ، لا يلزم تقييد الهيئة الدالّة على الإنشاء والالتزام أصلا ، بخلاف ما لو جعلنا العلقة بين الهيئة الدالّة على الإنشاء والخياطة ، فإنّه يستلزم تقييد المادّة تبعا ، فإنّه لا يعقل أن يكون أصل الطلب مقيّدا بوقت أو مكان أو شيء خارجي بلا أن يكون المطلوب مقيّدا به.
وقد تحقّق أنّه عند دوران الأمر بين الالتزام بالتقييدين ، أو التقييد الواحد وبقاء إطلاق الآخر بحاله ، أنّ الثاني متعيّن ، كما بنوا على ذلك في باب الأحكام.
لأنّ هذا التوهّم مدفوع بأنّ في باب الأحكام لمّا استفدنا من الشرع أنّه لمّا رأينا قد يتعلّق الشرط بالهيئة ، وقد يتعلّق بالمادّة ، فقد انقلب الارتكاز هناك ،
__________________
(١) فحينئذ منشأ الخيار أيضا يصير إمّا نفس الشرط عن جهة أنّ مرجعه إلى تعليق العقد ولزومه بالشرط ، فلا يجب الوفاء بالعقد إلّا إذا وفي بالشرط ، وإلّا فعلى المبنى الآخر لا بدّ وأن يكون في جميع الصور الآتية الخيار ناشئا عن ناحية نقض الغرض أو الإجماع ، فافهم ، «منه رحمهالله».