جاز أخذ الأجر عليه ، ومجرّد الوجوب غير مانع عن أخذ الاجرة عليه ، لأنّه أعم من المجانية وعدمها ، وكذا الصناعات الواجبة كفائية يجوز أخذ الاجرة عليها من غير إشكال ، وإن فرض تعيّن وجوبها الغرض ، للانحصار.
بل قد يجب صرف المال مثل الإطعام في المخمصة لوجوب حفظ النفس ، ومع ذلك يجوز أخذ العوض ، وليس ذلك إلّا ، لأنّ الوجوب أعمّ من المجانية والمعاوضة.
نعم ؛ لو دلّ هناك دليل بالخصوص على كون الوجوب على وجه المجانية ، إمّا تعبّدا من الشارع أو بإثبات حقّ من الشارع لأحد عليه ، فيكون العمل مستحقّا للغير لم يخرج أخذ الاجرة عليه.
والأوّل مثل القضاء الّذي ذكرنا أنّه وظيفة إلهيّة أوجبه الله تعالى على الناس عينا أو كفاية على وجه المجانية.
والثاني كأحكام الميّت ، لإثبات الشارع حقّا للميّت على الأحياء ، فكلّ من يباشر حكما واجبا من أحكام الميّت فهو مؤدّ لحقّ الميّت عليه ، وعمله عمل مستحقّ له عليه ، فكيف يمكن أخذ الأجر عليه؟
وما ذكره بعض الأساطين من أنّ التنافي بين صفة الوجوب والتملّك ذاتي ، لأنّ المملوك المستحقّ لا يملك ولا يستحق ثانيا (١) ، إنّما يتمّ فيما يثبت فيه الوجوب على وجه المجانية لا مطلقا.
وقد صرّح بما ذكرنا المصنّف فيما يأتي من كلامه ، حيث قال : (وقد يفهم من أدلّة وجوب الشيء كفاية كونه حقّا لمخلوق يستحقّه على المكلّفين ، فكلّ
__________________
(١) شرح القواعد (مخطوط) : ٢٧ ، ونقل عنه في المكاسب : ٢ / ١٣٠.