والإقامة على القول بوجوبهما لبعض الصلوات اليوميّة ـ أو مطلقها أو بقصد النيابة ، ـ كما في الصوم والصلاة والحجّ المستأجرة عن الميّت ـ أو بإهداء الثواب من دون قصد النيابة ، كصلاة ليلة الدفن وقراءة القرآن إذ استؤجر الشخص لهما.
فإنّه لا ريب أنّ عود النفع فيهما إنّما هو بإهداء الثواب لا بقصد النيابة عن الميّت.
لكن يشكل ذلك بما سيجيء من المصنّف رحمهالله من أنّ ما يتوقّف ترتّب الثواب عليه على قصد القربة لا يصحّ استيجار الشخص له ، لأنّ جواز الاستيجار يستلزم جواز الإتيان بداعي الوجوب من جهة الإجارة ، ومع الإتيان بهذا الداعي يخرج الفعل من كونه عبادة فلا يكون العمل ممّا ينتفع به المستأجر ، فيلزم من صحّة الاستيجار عدم صحّته وهو ظاهر البطلان (١).
ويمكن الجواب عن الثاني ـ أي قراءة القرآن ـ بأن ترتّب الثواب عليها لا يتوقّف على قصد الإخلاص ، لأنّه مترتّب عليها ، ولو مع عدم قصد الإخلاص ، لأنّ ذلك في الجملة من قبيل الخواص.
وعن الأوّل ـ أي صلاة ليلة الدفن ـ بالتزام الفساد بعنوان الإجارة ، وما هو معمول في ذلك من دفع شيء لأجل الصلاة فإنّما هو من باب إحداث الداعي مع الاكتفاء في العبادة بمجرّد الإتيان بقصد الامتثال من غير نظر إلى الداعي على هذا الإتيان ـ كما قد تقدّم بيانه ـ لا من باب الإجارة والمعاوضة ، كما هو ظاهر بملاحظة السيرة من عدم إجراء صيغة الإجارة.
وحيث قد تبيّن لك ذلك ، فنقول : كلّ عمل صحّ عود النفع منه إلى غيره
__________________
(١) لاحظ! المكاسب : ٢ / ١٤٣ و ١٤٤.