وأمّا محمّد بن الأشعث ، فقال : قد رضينا بما رأى الأمير لنا كان أمْ علينا ، إنّما الأمير مؤدّب (١).
وقام إلى عبيد الله بن زياد ، فكلمه وقال : إنّك قد عرفت منزلة هانئ بن عروة في المصر وبيته في العشيرة ، وقد علم قومه أنّي وصاحبي سقناه إليك فأنشدك الله لمّا وهبته لي ؛ فإنّي أكره عداوة قومه ، هم أعزّ أهل المصر وعدد أهل اليمن (٢). فوعده أنْ يفعل (٣).
وبلغ عمرو بن الحجّاج أنْ هانئاً قد قُتل ، فأقبل في مذحج ومعه جمع عظيم حتّى أحاط بالقصر ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجّاج ، هذه فرسان مذحج ووجوهها لمْ تخلع طاعة ، ولم تفارق جماعة وقد بلغهم أنّ صاحبهم يُقتل فأعظموا ذلك!
فقِيل لعبيد الله : هذه مذحج بالباب.
فقال لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثمّ اخرج فأعلمهم ، أنّه حيّ لمْ يُقتل وأنّك قد رأيته (٤).
قال [شريح] : دخلت على هانئ ، لمّا رآني قال : يا لله يا للمسلمين! أهلكت عشيرتي؟ فأين أهل الدين وأين أهل المصر ، تفاقدوا ويخلّوني وعدوّهم وابن عدوّهم ـ والدماء تسيل على لحيته ـ؟ إذ سمع الرجّة على باب القصر ، وخرجت واتبعني فقال : يا شريح ، إنّي لأظنّها أصوات مذحج وشيعتي
_________________
(١) ٥ / ٣٦٧. قال ابو مِخْنف : حدثني غير بن وعلة ، عن أبي الودّاك ، قال ...
(٢) لأنّ كندة كانت من قبائل اليمن بالكوفة ؛ ومراد : ومذحج من قبائل كندة.
(٣) قال أبو مِخْنف : حدّثني الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة ، قال ... ٥ / ٣٧٨. الإرشاد / ٢١٠ ، والخوارزمي / ٢٠٥.
(٤) ٥ / ٣٦٧. قال ابو مِخْنف : حدثني نمير بن وعلة ، عن أبي الودّاك ، قال ... الإرشاد / ٢١٠ ، والخوارزمي / ٢٠٥.