يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله نذار ، إنّ حقاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن أخوة وعلى دين واحد وملّة واحدة ، ما لمْ يقع بيننا وبيكم السّيف ، وأنتم للنصحية منّا أهل ، فإذا وقع السّيف انقطعت العصمة وكنّا اُمّة وأنتم اُمّة.
إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذرّيّة نبيّه محمّد (صلّى الله عليه [وآله]) لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد ؛ فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ بسوء عمر سلطانهما كلّه ليسملان أعينكم ، ويقطّعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النّخل ، ويقتّلان أماثلكم وقرّاءكم ، أمثال : حجر بن عديّ (١) وأصحابه ، وهانئ بن عروة (٢) وأشباهه.
فسبوّه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له ، وقالوا : والله ، لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سلماً.
فقال لهم : عباد الله ، إنّ ولد فاطمة (رضوان الله عليها) أحقّ بالودّ والنّصر
_________________
(١) كان من إمداد حرب القادسيّة من أهل اليمن سنة (١٦ هـ) ٤ / ٢٧. وكان من أوّل مَن أجاب عليّاً (عليه السّلام) لنصرته في حرب البصرة من الكوفة ٤ / ٤٨٥. وكان هو من قبلُ من الثائرين على عثمان ٤ / ٤٨٨. وكان على سبع مذحج والأشعريّين من أهل اليمن بالكوفة ٤ / ٥٠٠. وكان مع علي (عليه السّلام) بصفّين يخرج للقتال ٤ / ٥٧٤. وكان ممّن شهد على صحيفة الموادعة لتحكيم الحكمين في صفّين ٥ / ٥٤. وكان على ميمنة علي (عليه السّلام) في وقعة النّهروان مع الخوارج ٥ / ٨٥ ، وأخرجه علي (عليه السّلام) سنة (٣٩ هـ) على أربعة الآف رجل من الكوفة لمقابلة غارة الضحّاك بن قيس في ثلاثة الآف ، فلحقه بـ : (تدمر) في حدود الشام فقتل منهم عشرين رجلاً ، وحال اللّيل فهرب الضحّاك ورجع حجر ٥ / ١٣٥. ولمّا دخل معاوية الكوفة عام الجماعة وولّى عليهما المغيرة بن شعبة ، وكان المغيرة يسبّ عليّاً (عليه السّلام) كان حجر يردّ عليه ردّاً شديداً حتّى مات المغيرة ، فولّى عليها معاوية زياد بن أبيه ، فعاد حجر إلى ما كان عليه ، فأخذه زياد وبعث به إلى معاوية فقتله ٥ / ٢٧٠.
(٢) مضت ترجمته في أوّل أمر مسلم بن عقيل (عليه السّلام).