الحسين (عليه السّلام) دخل عليه النّاس يعزّونه [فـ] أقبل على جلسائه ، فقال :
الحمد لله عزّ وجلّ على مصرع الحسين (عليه السّلام) إنْ لا تكن آستْ حسيناً (ع) يديّ ، فقد آساه ولديّ والله ، لوشهدته لا حببت أنْ لا أفارقه حتّى أُقتل معه ، والله ، أنّه لممّا يسخّي بنفسي عنهما ، ويهوّن عليّ المصاب بهما ؛ أنّهما أُصيبا مع أخي وابن عمّي مواسيين له ، صابرين معه (١) و (٢).
_________________
(١) عن سليمان بن أبي راشد ، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود ، قال ٥ / ٤٦٦.
(٢) قال هشام : حدّثني عوانة بن الحكم ، قال : لمّا قتل عبيد الله بن زياد الحسين بن علي (ع) ، دعا عبد الملك بن أبي الحارث السّلمي ، فقال : انطلق حتّى تقدم المدينة على عمروبن سعيد بن العاص ـ وكان يومئذٍ أمير المدينة ـ فبشّره بقتل الحسين (عليه السّلام) ولا يسبقك الخبر ولا تعتلّ ، وإنْ قامت بك راحتلك فاشتر راحلة ، وأعطاه دنانير.
قال عبد الملك : فقدمت المدينة فدخلت على عمروبن سعيد ، فقال : ما وراك؟
فقلت : ما سرّ الأمير ، قُتل الحسين بن علي (ع)
فقال : نادِ بقتله. فناديت بقتله.
فلمْ اسمع واعية قطّ مثل واعية نساء بني هاشم في دورهنّ على الحسين [(عليه السّلام) ، فـ] ـضحك عمروبن سعيد [، و] قال :
عجّت نساء بني زياد عجّة |
|
كعجيج نسوتنا غداة الارنب * |
ثمّ قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان بن عفّان.
ثمّ صعد المنبر فأعلم النّاس قتله. ورواه المفيد في الإرشاد / ٢٤٧ ، ط النّجف.
_________________
(*) البيت لعمر بن معد يكرب الزبيدي. وكانت لهم وقعة على بنى زياد انتقاماً منهم لوقعة لهم على بني زبيد. ورواها السّبط مختصراً / ٢٦٦. وذُكر عن الشعبي : أنّ مروان بن الحكم كان بالمدينة فأخذ الرأس ، وتركه بين يديه وتناول أرنبة أنفه ، وقال :
يا حبذا بردك في اليدين |
|
ولونك الاحمر في الخدّين |
ثمّ قال : والله ، لكأنّي أنظر إلى أيّام عثمان.
وقال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ٤ / ٧٢ : والصحيح ، أنّ عبيد الله بن زياد كتب إلى عمروبن سعيد بن العاص يبشّره بقتل الحسين (عليه السّلام) ، فقرأ كتابه على المنبر وأنشد الرجز المذكور وأومى إلى القبر ، وقال : يوم بيوم بدر. فأنكر عليه قوم من الأنصار. ذكر ذلك أبوعبيدة في كتاب المثالب.