وأمير الكوفة (١)
_________________
وخرج عبد الملك بن مروان سنة (٦٩ أو ٧٠ أو ٧١ هـ) إلى زفر بن الحارث الكلبي يريد حربه ، أو إلى دير الجاثليق يريد حرب مصعب بن الزبير ، وخلّف على دمشق عبد الرحمن الثقفي ، فقال الأشدق لعبد الملك : إنك خارج إلى العراق فاجعل لي هذا الأمر من بعدك. فأبى عليه ، فرجع الأشدق إلى دمشق وهرب منها الثقفي. فرجع إليها عبد الملك وصالحه حتّى دخله ، ثمّ اغتاله في قصره فقتله بنفسه ٦ / ١٤٠ ـ ١٤٨ ، وأبوه سعيد بن العاص هو الذي ولي الكوفة لعثمان فشرب الخمر ، فشكاه أهل الكوفة إلى عثمان فحدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام).
وفي مجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي ٥ / ٢٤٠ ، وتطهير الجنان بهامش الصواعق المحرقة :
عن أبي هريرة ، قال سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «ليرعفنّ على منبري جبّار من جبابرة بني أميّة فيسيل رعافة». وقد رعف عمرو بن سعيد ، وهو على منبره (صلّى الله عليه وآله) حتّى سال رعافه.
(١) كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بما فتح الله على المسلمين إلى جلولاء. فكتب إليه عمر : أنْ قف مكانك ولا تتبعهم واتّخذ للمسلمين دار هجرة ومنزل جهاد. فنزل سعد بالأنبار فأصابتهم الحمى ، فكتب إلى عمر يخبره ، فكتب إلى سعد : إنّه لا تصلح العرب إلاّ حيث يصلح البعير والشاة في منابت العشب ، فانظر فلاة في جنب البحر فارتد للمسلمين بها منزل ، فرجع سعد حتّى نزل الكوفة ٣ / ٥٧٩. والكوفة : كلّ سهلة وحصباء حمراء مختلطتين ٣ / ٦١٩. وكلّ رملة حمراء ، يقال لها : سهلة ، وكلّ حصباء ورمل هكذا مختلطين ، فهو : كوفة ٤ / ٤١. وفيها ديرات ثلاثة : دير حرقة ، ودير اُمّ عمرو ، ودير سلسلة ٤ / ٤١ ، فابتنوا بالقصب في المحرّم سنة سبع عشرة ، ثمّ إنّ الحريق وقع بالكوفة وكان حريقاً شديداً فاحترق ثمانون عريشاً ولمْ يبقَ فيها قصبة في شوّال ، فبعث سعد نفراً إلى عمر يستأذنون في البناء باللبن ، فقال : إفعلوا ولا يزيدنّ أحدكم على ثلاثة أبيات ، ولا تطاولوا في البنيان. وكان على تنزيل أهل الكوفة أبو الهياج بن مالك ، فأرسل سعد إليه يخبره بكتاب عمر في الطرق وأنّه أمر بالمناهج : أربعين ذراع ، ومايليه : ثلاثين ذراع ، وما بين ذلك : عشرين ، وبالأزقّة : سبع أذرع ، ليس دون ذلك شيء. فاجتمع أهل الرأي للتقدير حتّى إذا قاموا على شيء قسّم أبو الهياج عليه ، فأوّل شيء خطّ بالكوفة وبني ، هو : المسجد ، فوضع من السوق في موضع التمّارين وأصحاب الصابون ، قام رجل رامٍ شديد الرمي في وسطه فرمى عن يمينه ومن بين يديه ومن خلفه ، فأمر من شاء أنْ يبني وراء موقع السّهام من كلّ جانب ، وبُنيت ظلّة في مقدمته مئتي ذراع على أساطين رخام كانت للأكاسرة ، سقفها كسقف الكنائس الروميّة ، وأعلموا أطرافه بخندق ؛ لئلاّ يقتحمه أحد ببنيان. وبنوا لسعد داراً بحياله بينهم طريق منقّب مئتي ذراع ، وجُعل فيها بيوت الأموال ، وهي قصر الكوفة ، بنى ذلك له (روزبه) من آجر بنيان الأكاسرة بالحيرة ٤ / ٤٤ ـ ٤٥.