(عليه السّلام و] قال له : يا أخي ، أنت أحبّ النّاس إليّ وأعزّهم عليّ ، ولست أدّخر النّصيحة لأحد من الخلق أحقّ بها منك ؛ تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، ثمّ ابعث رسلك إلى النّاس فادعهم إلى نفسك ، فإنْ بايعوك حمدت الله على ذلك ، وإنْ أجمع النّاس على غيرك لمْ ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ، ولا يذّب به مرؤتك ولا فضلك ، إنّي أخاف أنْ تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من النّاس فيختلفون فيما بينهم ؛ فطائفة معك وأخرى عليك ، فيقتتلون فتكون لأوّل السّنة [غرضاً] ؛ فاذن خير هذه الاُمّة كلّها نفساً وأباً واُمّاً أضيعها دماً وأذلّها أهلاً.
فقال له الحسين [عليه السّلام] «فإنّي ذاهب يا أخي».
فقال [محمّد بن الحنفيّة] فانزل مكّة ؛ فإنّ طمأنّت بك الدار فسبيل ذلك ، وإنْ نبتْ بك لحقت بالرّمال وشعف (١) الجبال ، وخرجت من بلد إلى
_________________
يُقتل ٥ / ١٣. وكان يوم خروج الحسين (عليه السّلام) من مكّة إلى العراق مقيماً بالمدينة ٥ / ٣٩٤ ، وادّعى المختار أنّه قد أتى أهل الكوفة من قبله ٥ / ٥٦١ ، فأُخبر بذلك ابن الحنفيّة وسُئل عنه ، فقال : لوددت أنّ الله انتصر لنا من عدونا بمَن شاء من خلقه. فبلغ ذلك المختار فلقّبه بالإمام المهدي ٦ / ١٤. وأخرج المختار كتاباً لإبراهيم بن مالك الأشتر يدعوه إلى اتّباعه منسوباً ، إلى ابن الحنفيّة ٦ / ٤٦ ، فذكر ذلك عند ابن الحنفيّة ، فقال : يزعم أنّه لنا شيعة ، وقتلة الحسين (ع) جلساؤه على الكراسي يحدّثونه! فقتل المختار عمر بن سعد وابنه وبعث برأسيهما إلى ابن الحنفيّة ٦ / ٦٢ ، وحاول أنْ يبعث إلى ابن الحنفيّة جنداً يقابل بها ابن الزبير ، فرفض ذلك ابن الحنفيّة ونهاه عن سفك الدماء ٦ / ٧٤ ، فبلغ ذلك ابن الزبير فحبس ابن الحنفيّة وسبعة عشر رجلاً من أهل بيته ، ومن رجال أهل الكوفة معه في زمزم حتّى يُبايعوا أو يُحرقوا بالنار! ، فوجّه ابن الحنفيّة ثلاثة نفر من أهل الكوفة إلى المختار يستنجده ، فبعث المختار أربعة الآف رجل ومعهم مال كثير ، فدخلوا مكّة والمسجد الحرام حتّى أخرجوهم من حبسهم ، واستأذنوا محمّد بن الحنفيّة في قتال ابن الزبير ، فلم يأذن لهم وفرّق فيهم الأموال ٦ / ٦٧. وكان ينهى الشيعة من الغلو ٦ / ١٠٣ ، وكانت له راية مستقلّة في الحجّ سنة (٦٨ هـ) ، وكان يقول : إنّي رجل أدفع عن نفسي من ابن الزبير ، وما يروم منّي ، وما أطلب هذا الأمر أنْ يختلف عليّ فيه اثنان ٦ / ١٣٨. وكان حيّاً إلى سنة الجحاف (٨١ هـ) وله إذ ذاك ٦٥ سنة ٥ / ١٥٢ ، وتوفى بالطائف فصلّى عليه ابن عبّاس ٥ / ١٥٤.
(١) رؤوس الجبال ، ولا يصحّ : شعب الجبال. انظر : مجمع البحرين.