بلد حتّى تنظر إلى ما يصير النّاس ، وتعرف عند ذلك الرأي ؛ فانّك أصوب ما تكون رأياً وأحزمه عملاً [حين] تستقبل الأمور استقبال ، ولا تكون الأمور عليك أبداً أشكل منها حين تستدبرها استدبار.
فقال [له الحسين (عليه السّلام)] «يا أخي ، قد نصحت فأشفقت ، فأرجو أنْ يكون رأيك سديداً موفّقاً» (١).
[خروج الحسين (عليه السّلام) من المدينة]
[وقد كان الحسين (عليه السّلام) قال للوليد] : «كفّ حتّى تنظر وننظر ، وترى ونرى». فتشاغلوا عن الحسين (عليه السّلام) بطلب عبد الله [بن الزبير اليوم الأوّل ، ثمّ يوم خروجه] حتّى أمسوا. [فلمّا أمسوا] بعث [الوليد] الرجال إلى الحسين (عليه السّلام) عند المساء [من هذا اليوم الثاني السّبت ، السّابع والعشرين من شهر رجب] فقال (عليه السّلام) : «أصبحوا ثمّ ترون ونرى». فكفّوا عنه تلك اللّيلة [الثانية ، أي : ليلة الأحد الثامن والعشرين من شهر رجب] ولمْ يلحّوا عليه.
فخرج الحسين (عليه السّلام) من تحت ليلته هذه [الثانية] ، وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستّين [من الهجرة] ببنيه وإخوته وبني أخيه وجُلّ أهل بيته ، إلاّ محمّد بن الحنفيّة (٢) ، وهو يتلو هذه الآية : (فَخَرَجَ مِنْهَا
_________________
(١) ٥ / ٣٤١. قال هشام بن محمّد : عن أبي مِخْنف ... ورواه المفيد / ٢٠٢ ، والخوارزمي / ١٨٨ ، بزيادات.
وأضاف الخوارزمي ، عن ابن الأعثم وصيّة الإمام (عليه السّلام) لابن الحنفيّة : «أمّا بعد ، فإنّي لمْ أخرج ...». وزاد : (وسيرة الخلفاء الراشدين)!
(٢) ٥ / ٣٤٠ ، ٣٤١. وتاريخ الخروج في ص / ٣٨١ ـ أيضاً ـ : عن أبي مِخْنف عن الصقعب بن زهير ، عن عون بن أبي جحيفة. والمفيد / ٢٠٩ ، والسّبط / ٢٣٦ ، يقولا : وخرج الحسين (عليه السّلام) في اللّيلة الآتية بأهله وفتيانه ، وقد اشتغلوا عنه بابن الزبير. ويرويه أيضاً [السبط] / ٢٤٥ ، عن محمّد بن إسحاق وهشام : يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب. وقال الخوارزمي / ١٨٩ : لثلاث مضين من شهر شعبان.