ويجعلون منه قول الشاعر :
كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ ممّا |
|
يزرع الودّ فى فؤاد الكريم (١) |
أى : وكيف أمسيت؟
كما يقدر منه فى أحد الأوجه قوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) [التوبة : ٩٢] ، حيث يقدر الواو قبل (قلت) ليكون العطف على (أتوك) (٢).
وليس النحاة جميعا على هذا الرأى من حذف الواو ، فقد أجازه الفارسى وتبعه ابن عصفور وابن مالك ، ولم يأخذ به نحاة كثيرون ، منهم ابن الصائغ والسهيلى ، معللين لذلك بأن حروف العطف لها حكم حروف المعانى ، فهى دالة على معنى فى نفس المتكلم ، فلا يجوز إضمارها ، ويخرجون مثل هذه التراكيب على أنها بدل بداء فى الحديث الشريف ، وعلى معنى الاستمرار فى البيت ، كما تقول : ألف باء ... (٣).
٢٣ ـ جواز عطفها عاملا محذوفا وقد بقى معموله على عامل مظهر يجمعهما معنى واحد :
من ذلك قوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [الحشر : ٩] ، إذ التقدير : تبوءوا الدار ، وألفوا الإيمان ، أو : والتزموا الإيمان ، إذ الإيمان لا يتبوّا ، وإنما المكان هو الذى يتبوا ويتمثل فى الدار. فحذف العامل المعطوف (ألفى ، أو التزم) وبقيت الواو والمعمول المنصوب (الإيمان) (٤).
__________________
(١) الخصائص ١ ـ ٢٩٠ ، ٢ ـ ٢٨٠ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٧٣ / الأشمونى ٣ ـ ١١٦ الدرر / رقم ١٦٥٤.
(٢) (فى قلت) أوجه أخرى ، موجزها :
أ ـ جواب (إذا) الشرطية ، ويكون (تولوا) جوابا لسؤال مقدر ، يكون : ما كان حالهم إذ أجيبوا بهذا؟
فيكون الجواب : تولوا.
ب ـ فى موضع نصب ، حال من كاف (أتوك).
ج ـ مستأنفة.
(٣) ينظر : المساعد على التسهيل ٢ ـ ٤٧٤.
(٤) يذكر أن من أسماء المدينة المنورة (الإيمان) ، وعلى ذلك فلا يقدر محذوف.