وفى النصب وجه آخر ، وهو العطف على خبر (لكن) ، وهذا الرأى مرجوح لذكر واو العطف قبل (لكن).
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)(١) [يونس : ٣٧]. حيث (تصديق) معطوف على خبر (كان) ، وهو المصدر المؤول (أن يفترى) ، وموضعه النصب (٢).
ملحوظة :
إذا قلت : ما زيد قائما لكن قاعد ، برفع (قاعد) ، فإن (لكن) لا يكون حرف عطف ، ولكنه يكون حرف استدراك مخففا ، ويكون (قاعد) خبرا لمبتدإ محذوف ، تقديره : هو. ذلك لأنه يمتنع فيه العطف على اللفظ حيث انتقاض نفى (ما) بـ (لكن). كما يمتنع العطف على المحل لزوال الابتداء بدخول الناسخ. فلزم الرفع على الخبرية.
__________________
(١) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (كان) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب. (هذا القرآن) هذا : اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، اسم كان. القرآن : بدل ، أو عطف بيان ، أو نعت لاسم الإشارة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أن يفترى) أن : حرف مصدرى ونصب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. يفترى : فعل مضارع منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والمصدر المؤول فى محل نصب ، خبر كان. (من دون الله) من : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. دون : اسم مجرور بعد من ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة متعلقة بالافتراء. ودون مضاف ولفظ الجلالة الله مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (ولكن) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب. لكن : حرف استدراك مبنى لا محل له من الإعراب. (تصديق) معطوف على خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، أو خبر كان المحذوفة منصوب ، وهذا أرجح. وهو مضاف ، و (الذى) اسم موصول مبنى فى محل جر مضاف إليه. (بين) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. وشبه الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. أو متعلقة بصلة محذوفة. وبين مضاف و (يدى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه مثنى ، وهو مضاف وضمير الغائب (الهاء) مضاف إليه مبنى فى محل جر.
(٢) فى نصب (تصديق) أوجه أخرى :
أ ـ أن يكون خبر (كان) مضمرة دل عليها ما سبق.
ب ـ أن يكون منصوبا على المصدرية ، والتقدير : ولكن يصدق تصديق.
ج ـ أن يكون مفعولا لأجله ، والتقدير : ولكن أنزل تصديقا.
وفى (تصديق) قراءة بالرفع ، وتوجه على أنه خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : ولكن هو تصديق.