ه ـ لم يعرف عن الفعل الماضى أنه معرب ، فلا يكون فى محلّ نصب ولا فى محلّ رفع ، فلماذا يختار له محلّ الجزم؟!
من كلّ ما سبق نجد أن الفعل الماضى لا يتأثر بأدوات الشرط الجازمة ، ولا تغيره عن حالات بنائه ، بل يظلّ كما هو على أحواله المعهودة من البناء طبقا لإسناده إلى ضمير معين أو إلى مظهر.
ثالثا : الأول ماض والثانى مضارع :
يذكر ابن عصفور : «وإن كان أحدهما ماضيا والآخر مضارعا قدمت الماضى ويكون فى موضع جزم ، وأخرت المضارع ، ويكون فيه الجزم والرفع ، والجزم أحسن ، وإن أدخلت عليه الفاء لم يجز إلا الرفع» (١) ، لكن الأمر كما حلّلنا سابقا أن الفعل الماضى يظلّ على حاله من البناء دون أن يكون فى موضع جزم ، أما الفعل المضارع ـ وهو فعل جملة الجواب ـ فإنه يجوز فيه الرفع والجزم ، ويحسنون الجزم ، لكن الرفع أقيس ـ كما أرى. ومن النحاة (الجرجانى) من يرى أن الفعل المضارع يكون مجزوما فى المعنى حينئذ (٢).
منه قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [الشورى : ٢٠]. (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) [هود ١٥] ، تلحظ أن فعل الشرط فى التراكيب الثلاثة ماض (كان) ، وخبره مضارع (يريد) ، وكان فعل جواب الشرط مضارعا مجزوما.
وتجد من النحاة من يقدر (كان) زائدة ليبرر لجزم فعل الجواب ، وليس برأى يؤخذ به ، ويذكر المبرد أن معناه : لم يكن (٣).
ومنه قول الفرزدق :
دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا |
|
عليك يشفوا صدورا ذات توغير (٤) |
__________________
(١) المقرب ١ ـ ٢٧٥.
(٢) المقتصد ٢ ـ ١٠٤٦.
(٣) المقتضب ٢ ـ ٥٨.
(٤) ديوانه ١ ـ ٢١٣ / الكتاب ٣ ـ ٦٩ / التركيب الشرطى (إن قدروا يشفوا) فى محل رفع ، خبر أن.