لأخوّة ثبتت بينه وبين التنوين ، وذلك أنهما جميعا لا يكونان في الأفعال ، ويختصّان بالأسماء ، فلهذه الأخوّة لما سقط التنوين تبعه الجرّ في السقوط ، فالتنوين ، أصل فيه ، والجرّ تبع ، كما يسقط الرجل عن منزلته فتسقط أتباعه ، وهذا معنى قول النحويّين : سقط الجرّ بشفاعة التنوين ، فإذا عاد الجرّ عند الإضافة واللام لم يتصوّر عود التنوين.
أخبرني عن حرف تلعب الحركات بما بعده ، ولا يعمل منها إلّا الجرّ وحده.
هو (حتّى) يقع الاسم بعدها مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، والجرّ وحده عملها.
أخبرني عن اسم صحيح أمكن هو فاعل وما هو مرفوع ، وعن آخر داخل عليه حرف الجرّ ، وهو عن الجرّ ممنوع.
الأول : (غير) في قول الشمّاخ (١) : [البسيط]
لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت |
|
[حمامة في غصون ذات أوقال] |
والثاني : (حين) في قوله (٢) : [الطويل]
على حين عاتبت المشيب على الصبا |
|
[وقلت ألما أصح والشّيب وازع] |
أخبرني عن شيء وراء خمسة أشياء ، يجزم جوابه في باب الجزاء.
هو الاسم أو الفعل الذي ينزل منزلة الأمر والنهي ، ويعطى حكمهما ، لأنّ فيه معناهما ومرادهما فيجزم به كما يجزم بهما ، وذلك قولك (٣) : حسبك ينم النّاس ، واتّقى الله امرؤ وفعل خيرا يثب عليه ، بمعنى : ليتّق الله وليفعل.
أخبرني عن ضمير ما اشتقّ من الفعل أحقّ به من الفعل ، وفي ذلك انحطاط الفرع عن الأصل.
هو الضمير في قولك (٤) : هند زيد ضاربته هي ، وزيد الفرس راكبه هو ، وفي كلّ موضع جرت فيه الصفة على غير من هي له ، فالمشتقّ من الفعل ـ وهو الصفة ـ أحقّ به من الفعل لا بدّ له منه ، وللفعل منه بدّ ، إذا قلت : هند زيد تضربه ، وزيد الفرس يركبه ، حتى إن جئت به فقلت : تضربه هي ويركبه هو كان تأكيدا للمستكنّ. والسبب قوّة الفعل وأصالته في احتمال الضمير ، والمشتقّ منه فرع في ذلك ففضّل الفرع على الأصل.
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٢٨).
(٢) مرّ الشاهد رقم (١٤٣).
(٣) انظر الكتاب (٣ / ١١٧).
(٤) انظر الأحاجي (ص ٧٠).