٤٩٩ ـ فغضّ الطّرف [إنك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا] |
فقال : إن كنت تلفّظت بها وحدها أو أولا فإنّي أجوّز فيها الأوجه الثلاثة ، مثل مدّ مدّ ومدّ ، والرفع على هذا أجود ، ثم دخلت الألف واللام في الاسم الذي يليها ، وقد حركت الضاد لالتقاء الساكنين بالضم للإتباع ، فإن أوليتها اسما فيه الألف واللام قبل أن تحرّك الضاد الثانية فإنّي أجوز الكسر ولا أجوّز الضم ، لأنّ التحريك الآن للساكن الثالث ، وهو ولام التعريف ، ولا يصح فيه إتباع لأنّ التحريك من الثالث لا من الثاني ، قال لي المبرد : ما كان عندي أنّ الآخر يفهم مثل هذا.
وفيها : قال ابن جني (١) : قال أبو علي الفارسي : سألت ابن خالويه بالشام عن مسألة فما عرف السؤال بعد أن أعدته ثلاث مرات ، وهو : كيف تبني من «وأى» مثل كوكب على قراءة من قرأ (قَدْ أَفْلَحَ) [المؤمنون : ١] بفتح الدال على تخفيف الهمزة وإلقاء حركتها على ما قبلها ، ثم تجمعه بالواو والنون ثم تضيفه إلى نفسك؟
وجوابها أنّه في الأصل ووأي نحو كوكب ، فانقلبت الياء ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها ، فصار ووأى ثم خففت الهمزة ، فألقيت حركتها على الواو الساكنة فصار ووى واجتمع معك واوان والنون أويون مثل : مصطفيون في الأصل ، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار : أواون فاجتمع ساكنان فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فصار أوون مثل : مصطفون ، ثم أضفته إلى نفسك فقلت : أووي وحذفت النون لأنها لا تجمع في الإضافة ، فاجتمع حرفا علّة وسبق أحدهما بالسكون فقلبته ياء وأدغمته ياء بعدها فصار أويّ ، وهو الجواب.
قال ابن جني : أنشد أبو علي للمتنبي : [الكامل]
٥٠٠ ـ من كلّ من ضاق الفضاء بجيشه |
|
حتّى ثوى فحواه لحد ضيّق |
وقال لأصحابه : كم مجرورا في هذا البيت؟ فقال بعض الحاضرين : خمسة وقلت أنا : ستة ، فتعجبوا من قولي وقالوا : قد عرفنا ، كل ومن وجيش والهاء المتصلة به وثوى فأين الآخر؟ قلت : الجملة من الفعل والفاعل ، وهي : ضاق الفضاء ، لأن من نكرة غير موصولة ، لأن كّلا لا تضاف إلّا إلى النكرة التي في معنى الجنس ، «وضاق الفضاء» مجرور الموضع لأنّه صفة لمن ، فقال الشيخ : هو كما قال.
__________________
٤٩٩ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٨٢١) ، وجمهرة اللغة (ص ١٠٩٦) ، وخزانة الأدب (١ / ٧٢) ، والدرر (٦ / ٣٢٢) ، وشرح المفصل (٩ / ١٢٨) ، ولسان العرب (حدد) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ٤١١) ، وخزانة الأدب (٦ / ٥٣١) ، وشرح الأشموني (٣ / ٨٩٧) ، وشرح شافية ابن الحاجب (ص ٢٤٤) ، والمقتضب (١ / ١٨٥).
٥٠٠ ـ الشاهد في ديوانه (ص ٢١) ، ومحاضرات الراغب (٢ / ٢١٧).