ونحن» وعالة فيه جمع عائل المشتق من عال يعول ، وانتصاب صعاليك به وملوكا صفتهم ، وأمّا أسمر وأبيض فإنّما أعملا لمجيء الفعل منهما على افعلّ وافعالّ المخالفين لزنتيهما ، فهذا ما حضرني من الجواب ، ولعلي نكّبت فيه عن طريق الصواب.
قال السخاوي : وما أرى هذا الجواب مستقيما لأنّ الملوك لا تكون صفة للصعاليك ، وقوله في تقديره : «صعاليك ملوكا أنتم ونحن» لا معنى له وإنما الصواب أن يقال : إنّ عالة بمعنى عالني الشيء إذا أثقلني ، أي : تعيّرنا بأنّا عالة ملوكا ، أي : نثقلهم بطرح كلّنا عليهم في حال التصعلك ، فصعاليك منصوب على الحال ، وقوله «ونحن» مبتدأ وأنتم خبره ، أي : ونحن مثلكم فكيف تعيرنا؟ قال الله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] ، وتقول النحاة : أبو يوسف أبو حنيفة ، وتقدير الشعر «تعيّرنا أننا عالة ملوكا صعاليك ونحن أنتم» (١) ، وفي عال بمعنى أثقل جاء قول أميّة بن أبي الصّلت : [الخفيف]
٥٠٦ ـ سلع ما ومثله عشر ما |
|
عائل ما وعالت البيقورا |
أي : أثقلت البقر بما حمّلت في أذنابها من السّلع والعشر.
وأمّا أسمر وأبيض وأحمر فإنّهم أجروا هذا الضّرب مجرى الصفة المشبهة باسم الفاعل ومن ذلك «أجبّ» في قوله : [الوافر]
٥٠٧ ـ ونمسك بعده بذناب عيش |
|
أجبّ الظّهر ليس له سنام |
يجوز في الظهر الرفع والنصب والجر ، وكذلك تقول في مؤنث أحمر مررت برجل حمراء جاريته ، كما تقول : حسنة جاريته ، أجروا حمراء مجرى حسنة ، وشبّهت هذه بالصفة المشبهة باسم الفاعل في أنّها تذكر وتؤنّث وتثنّى وتجمع وأنّها تدلّ على معنى ثابت ، وشبّه أفعل التفضيل أيضا بالصفة المشبهة إذا لم يكن مصحوبا بمن وكان صفة لما ذكرناه نحو أجب.
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٥٠٤).
٥٠٦ ـ الشاهد لأمية بن أبي الصلت في ديوانه (ص ٣٦) ، والأزهيّة (ص ٨١) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٣٠٥) ، ولسان العرب (علا) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة (ص ٣٢٢) ، ولسان العرب (بقر) ، و (سلع) و (عول) ، ومغني اللبيب (١ / ٣١٤).
٥٠٧ ـ الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ١٠٦) ، والأغاني (١١ / ٢٦) ، وخزانة الأدب (٧ / ٥١١) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٢٨) ، وشرح المفصّل (٦ / ٨٣) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٥٧٩) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٢٠٠) ، وأمالي ابن الحاجب (١ / ٤٥٨) ، والإنصاف (١ / ١٣٤) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٩١) ، وشرح ابن عقيل (ص ٥٨٩) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٣٥٨) ، ولسان العرب (جبب) و (ذنب) ، والمقتضب (٢ / ١٧٩).