العرب ، وأنشد سيبويه البيت الذي ذكره ، وإن «أسفع الخدين» بمنزلة أسهل خد الغلام ، فمحال كله.
أما قوله : هو مثل «مررت برجل أحمر خدّ الغلام» وهو كثير ، فكذب ، وكان ينبغي أن يذكر من ذلك ولو حرفا واحدا ، «وأسهل خد الغلام» لا يقوله أحد لا من العرب ولا من العجم لما تقدّم من الفرق بين أفعل الذي لا يلزمه الفصل والذي يلزمه ، وليس أسفع مثل أسهل ، لأنّ أسفع إنّما الصفة واقعة فيه على الثاني وهو الخدان ، والسفعة لهما دون الأول ، وأفضل الناس الصفة هي للأول دون الثاني ، والفصل له دون المضاف إليه ، فإذا قلت : أسهل الخد فإنّما تعني موضعا من الخد ، كما تقول : الصدر أجود الدّرّاج والسّرّة أطيب الحوت ووجه أخيك أحسنه ، ولو أردت بأسفع ما أردت بأسهل لم يجز ، لأنّك تقول : مررت برجل أسهل خدّا من زيد ، ولا تقول : مررت برجل أسفع خدّا من زيد ، وإنّ «أسهل خدّ الغلام» معرفة وقد وصفت به النكرة ، ويدل على أنّ أفعل الذي يلزمه الفصل يكون معرفة إذا أضفته إلى الألف واللام أنك لا تدخل عليه الألف واللام ، فتقول : «هذا الأفضل الناس» ولا «هذا الأسهل خدّ الغلام» وأنت تقول : هذا الأحمر الوجه والأسفع الخدّين ، وأمّا البيت فإنّ سيبويه قال في الصفة المشبهة : «إنّها تنوّن فتنصب ويحذف التنوين فتضيف» في الصفة المشبهة : «إنّها تنوّن فتنصب ويحذف التنوين فتضيف» ، ثم قال : «ومما جاء منونا قول زهير : أهوى لها ...» فذكر البيت على أنّ الشاهد مطّرق لا غير ، كذا قال أهل العلم ، قوله : «وأما قولي : مررت برجل أسهل خدّ غلامه أشدّ سواء طرّته» فأسهل مرفوع بالابتداء ، وخدّ غلامه خبره ، وكذلك الجملة الثانية» ، يدخله الخطأ من وجوه :
أحدها : أنّه رفع أسهل بالابتداء ، وهو نكرة ، و «خدّ غلامه» الخبر ، وهو معرفة ، وأنّ «أسهل» للمفاضلة لا يجوز أن يحذف منه الفصل والمعمول فيه معا ولا دليل على ذلك ، وأنّه جعل الجملتين وصفا للرجل ، والجمل إذا كانت أوصافا أو أخبارا أو أحوالا يعطف بعضها على بعض ، فتقول : مررت برجل قام أبوه وقعد ، ولا تقول : قام أبوه قعد ، وأنه إن جعل الهاء في طرّته للرجل أحال ، إنّما المراد أنّ الغلام هو الأسهل الخدّ الأسود الطّرّة ليس الرجل ، وإن جعلها للغلام أحال لأنّ الإعراب يصير لحنا ، ولا يجوز أن يكون أشدّ مجرورا ، ولكن يكون منصوبا ، كما تقول : هذا رجل أسهل خدّ غلام أشدّ سواد طرّة ، فتجعل أشدّ منصوبا على الحال ، قالوا : مررت برجل مقيمة أمّه منطلقا أبوه ، لا غير ، وقوله : هذا أشهر من أن يستشهد له كذب ، قوله : «أمّا قولي :