أي : ورثتموها عن قرب واستحقاق ، فهذه أربعة أوجه من كلام العلماء في نصب الكلالة لا شبهة فيها ولا إنكار على مستعمليها.
وقد أجاز قوم من أهل اللغة أن تكون الكلالة اسما للوارث وهو شاذّ والحجّة فيه ما روي عن الحسن أنّه قرأ : وإن كان رجل يورث ويورث كلالة فإن صحّ هذا الوجه جاز أن يكون انتصابها على ما انتصب عليه أولا ، وهو أن تكون خبر كان أو حالا من الضمير في يورث إذا جعلت كان تامة ، إلّا أنّه لا بدّ من تقدير حذف مضاف تقديره : وإن كان الميت ذا كلالة ، وهذا كله واضح بيّن بعيد من التخليط والإشكال ، والكلام الذي هو جدير بالنبذ والرفض هو قولك : «إنّ الكلالة قد فسرت بتركة ليس فيها ولد ، وإنّ المعتاد أن الإنسان إنّما يدأب ليترك لولده بعد وفاته ، فإذا حضره الموت ولا ولد له ظهر تعبه» ، ثم ذكرت بعد ذلك أنّها من المصادر المنصوبة على الحال ، فنقضت كلامك وأوجبت على سامعك ملامك ، وذلك أنّك زعمت أنّ الكلالة قد فسرت بتركة الميت ، وهذا مذهب من يجعل الكلالة اسما للوارث دون الموروث ، فتكون على هذا اسما للشخص دون الحدث ، ثم قلت : إنها من المصادر المنصوبة على الحال ، وإذا كانت مصدرا فهي اسم للحدث ، فهذا تناقض بيّن ، وقلت : إنّ الكلالة مشتقة من كلّ إذا تعب وإنّ التقدير : يورث ذا كلالة ، فغلطت ووهمت وفي مهامه الجهالة همت ، ولو كانت الكلالة مصدر كلّ إذا تعب لكان اسم الفاعل منها كالّا أو كليلا ، ولجاز في المصدر أن يقال : كلّا وكلولا ، والمعروف عند أهل اللغة إنما هو كلّ ، لأنه يقال : رجل كلّ لا ولد له ولا والد ، وقد كلّ يكلّ كلالة ، فلمّا ألزموا المصدر بالكلالة واسم الفاعل بالكلّ علم أنّ الكلالة ليست مصدرا لكل إذ تعب.
وأمّا قولك : «إنّ المعتاد في الإنسان أنّه إنما يدأب ليترك لولده ، فإذا حضره الموت وليس له ولد ظهر تعبه» فهو بحمد الله كلام غير محصّل ، وذلك أنّه إذا كان إنّما يتعب لولده فينبغي إذا ورث كلالة أن لا يكون له تعب إذ لا ولد له ، وأمّا قولك : إن سيبويه قال : إن تاء التأنيث تدخل على المصادر المجرّدة وذوات الزيادة دخولا مطّردا ، فهي تدل على المرّة الواحدة ، فهذا منك غلط فاضح ، وطريق وهمك فيه بيّن واضح ، وذلك أنّك بيّنت أنّ الكلالة مصدر كلّ إذا تعب ، ثم وقع في نفسك أنّه لا يجوز أن يكون مصدر كلّ إلّا الكلالة فقلت : لا ينكر دخول الهاء لأنّ سيبويه قد أجاز دخولها على المصادر فغلطت في ذلك من وجهين :
أحدهما : أنّ المرة الواحدة في باب المصادر الثلاثية إنما بابها الفعلة كضربته